دراسة حول الأسرة الكردية ...بقلم : حـيدر عمر

Admin عدد الرسائل : 1553 تاريخ التسجيل : 06/11/2007

نظرة سريعة يلقيها المرء على أنشطة الحركة الثقافية الكردية أو على الدراسات أو المقالات المنشورة في الصحف الورقية أو الإلكترونية الكردية و غيرها مما يتناول الشؤون الكردية يرى بوضوح تام مدى حضور الجانب السياسي في اهتمامات المثقفين الكرد، حتى ليمكن القول دون حرج بأنه يطغى على الجوانب الأخرى التي لا تقل أهمية عنه، مما يشي بغياب حقيقة، لايمكن التغاضي عنها، عن الفكر الكردي، ألا وهي أنه لا يمكن للمرء أن يخوض في السياسة و الفكر السياسي بمعزل عن التاريخ و الاجتماع و الاقتصاد و الأدب و غير ذلك من العناصر التي تتضافر جميعا ً و تساهم في تكوين فكر قومي واضح المعالم.
لعل الأدباء قد أدركوا هذه الحقيقة قبل غيرهم، حتى أصبحنا نرى، و خاصة في السنوات العشرين الأخيرة، كمَّا ً هائلا ً من المقالات و الدراسات و الأجناس الأدبية المختلفة من شعر و قصة و رواية يرتقي بعضها إلى مصاف آداب الشعوب المتقدمة ذات المؤسسات الرسمية و الجماهيرية التي ترعى حركتها الأدبية و تنفق عليها الآلاف، بل الملايين من الدولارات.
و إلى جانب هذه الحركة الأدبية النشطة، ثمة حركة سينمائية نشطت في هذه الأعوام الأخيرة، و أنتجت أفلاما ً نافست و تنافس نتاجات أخواتها لدى الشعوب الأخرى، و حازت على جوائز قيِّمة في مهرجانات دولية لها سمعتها و مكانتها في العالم.
بدأت الحركة الثقافية لدى مثقفي كرد سوريا تتجه وجهة أخرى، تتمثل في مقالات و دراسات تاريخية و أخرى اجتماعية أصبحنا نراها و نقرؤها بين الحين و الآخر في بعض المواقع الإلكترونية أو في كتب تدفع بها المطابع بين أيدي القرَّاء كتلك الدراسة القيِّمة الموسومة بـ( جبل الكرد. دراسة تاريخية اجتماعية توثيقية ) لمؤلفها الدكتور محمد عبدو علي التي صدرت قبل بضع سنوات، و ( جبل ليلون ) لمروان بركات و التي صدرت أيضا ً قبل سنةٍ أو سنتين.
تأتي الدراسة الموسومة بـ( العائلة الكردية في المهجر) لمؤلفها الدكتور محمد زينو التي صدرت مؤخرا ً في مطلع عام 2009 ضمن هذا السياق أيضا ً. إلا أنها، ومن خلال اقتصارها على دراسة الأسرة الكردية في المهجر، ربما تكون الدراسة الأولى في موضوعها.
و في الحقيقة، إن الوجود الكردي خارج أجزاء كردستان و لأسباب متعددة منها ما يتعلق بالهجرة و منها ما كان من نتائج التهجير، لفي حاجة ماسة إلى دراسات عديدة و متنوعة المواضيع و التوجهات. هذا الجانب الذي تبعه مفكرو و دارسو الأمم الأخرى، و أشبعوه درسا ً و تحليلا ً، تمخضت عنه دراسات كثيرة أظهرت المؤثرات السلبية و الإيجابية للإغتراب عن الوطن في حياة مواطنيهم ممن اضطروا لأسباب عديدة أن يعيشوا بعيدين عن أوطانهم. هذا الجانب من حياة الكرد مازال أرضا ً بورا ً تنتظر مَن يعمل فيها حرثا ً و بحثا ً.
من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة التي نحن بصددها، و التي تطمح، على ضوء معطيات علم الاجتماع، إلى دراسة واقع الأسرة الكردية في موطنها الجديد، و في ألمانيا حصرا ً، و التحديات التي تواجهها، و الصراع بين بيئتين و ثقافتين مختلفتين، حمل الكردي إحداها معه من موطنه، و هي تختلف إلى حدّ بعيد عن ثقافة البيئة الجديدة التي رمى الكردي بنفسه، أو أُرتـُمِيَ، في أحضانها، و هي أحضان تبيَّن له أنها ليست دافئة و حميمة كما توقعها.
فمن جهة يقف اختلاف اللغة و عدم قدرة الكردي، كغيره من القادمين إلى تلك البلاد، على إتقانها، سببا ً و مانعا ً من تكيُّفه مع هذه البيئة الجديدة، و التكيُّف، كما يعلـِّمنا إياه علم النفس،من أهم شروط الصحة النفسية و اتزان الشخصية، كما أنه من الأسباب المهمة التي تقف وراء نجاح المرء في بيئته الجديدة. ربما كان هذا سببا ً رئيسا ً وراء عدم توفيق الكثيرين، بينهم أصحاب مهن علمية و أكاديمية، في الحصول على فرصة عمل في مهنته التي أمضى فترة شبابه لإعداد نفسه لها.
و من جهة أخرى، مازال كثيرون من أفراد الجيل الأول، أي الجيل الذي يحمل معه موروثه الكردي، أسير رغبة العودة ذات يوم إلى الوطن. هذه الرغبة، وحسب صاحب الدراسة، جعل الكردي مقسَّما ً إلى نصفين، نصفٍ يعيش على بُعد آلاف الكيلومترات في الوطن، و نصف يعيش في مهجره. إن عقله و فكره مازالا يجولان بين مرابع الطفولة و الصبا، في سهول الوطن و جباله، في قراه و ضواحيه،في أزقة مدنه و شوارعها، متمسكا ً بموروث من العادات و التقاليد التي تحتم و تستوجب عليه أن يكون عونا ً لأخوته الذين تطحنهم رحى الفقر في الوطن. و نصفٍ هو جسده الذي يتسكع في شوارع مهجره، و هو يرى أبناء ً وُلِدوا في المهجر، و تربَّوْا في مدارسه و تشبعوا بعرفه و عاداته، دون أن يرَوْا ذلك الوطن الذي لازال أهلوهم أسيري رغبة العودة إليه، و الذي لا يشكل بالنسبة لهم أكثر من مكان للاستجمام يقضون فيه عطلتهم الصيفية. أيضا ً حسب ما يراه الكاتب.
هذا الشعور بالانتماء، و المختلف بين الأهل من جهة و الأبناء بنينا ً و بناتٍ من جهة أخرى نقل الصراع إلى داخل البيت الذي يجمع تحت سقفه جميع أفراد الأسرة،هذا السقف الذي لم و لن يستطيع أن يغلق بابه في وجه ثقافتين مختلفتين من أن يتصارعا تحته صراعا ً يهدده بالسقوط على أفراد الأسرة سقوطا ً قد يكون مدويا ً إن لم يتدارك الأهلون خطورة الموقف.
لا أريد هنا أن أضع بين يدَيِّ القارئ جميع مفاصل هذه الدراسة القيِّمة، فأكون سببا ً في برودة قد تسري إلى نفسه، فتضعف شغف قراءتها لديه و مناقشة كاتبها في أفكاره. فعلى الرغم من افتقارها إلى البيانات و الإحصاءات الدقيقة، التي لا يستغني علم الاجتماع عنها ليؤكد صحة فرضياته أو قربها من الواقع،و على الرغم من بعض الملاحظات التي تمسُّ تقنية الطباعة،من مثل افتقارها إلى الفهرسة و معلومات عن مكان الطباعة و دار النشر، فهي دراسة تحمل افكارا ً جديرة بالقراءة و المناقشة.

Admin عدد الرسائل : 3531 تاريخ التسجيل : 02/11/2007

شكرا على هذا التقديم

مشكور اخي الادارة

سباس خوش ...

شكرا لك اخي

» من قضايا المعجمية الكردية(دراسة) كتاب جديد للكاتب خالد جميل
» تركيا تعيد للقرى الكردية أسماءها الكردية
» المرأة حياة بقلم نارين عمر
» الرحمة في الأسرة
» لمحة عن مدينة عامودا .....بقلم : عبداللطيف الحسيني