roj maf Admin
عدد الرسائل : 1617 تاريخ التسجيل : 12/02/2008
| موضوع: السلالم الرملية" الأربعاء مايو 28, 2008 9:48 am | |
| هي الرواية الأخيرة للشاعر والروائي سليم بركات " السلالم الرملية" هي الرواية الأخيرة للشاعر والروائي سليم بركات، عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في 120 صفحة من القطع الوسط. الرواية مقسّمة عشرين فصلاً، عشرة منها معنونة بالعربية والعشرة الأخرى معنونة بالأجنبية، كأنّي بالكاتب في مسعاه هذا يريد أن يزيد من الطلسمة والإلغاز، وإرباك القارئ المربك أصلاً أمام رواياته، وإدخاله في دوّامات البحث عن معان للعناوين، قبل أن يتكلّف عناء البحث عن تأويل الوارد فيها من مضامين، أو تفكيك رموزها، وافتراض تفاسير وشروح لها. وكما قسّم الكاتب عناوين فصوله بين اللغتين، نراه قسّم الفصول ذاتها بين عالمين متناقضين، إذ جمع التنافر والتعاكس في عالم روائيّ واحد، فمن جهة عالم التحضّر والمدنية بكل أضوائه وابتكاراته، ومن جهة أخرى عالم الصحراء بكل ما فيه من رمال وأدواحٍ وجمالٍ وإبلٍ ومواشٍ ونباتات. وردت أسماء الأمكنة والشخصيات المتخيّلة أيضاً غرائبيّة مبتدعة كعادته في الكثير من أعماله السابقة: بيغون، تاهشين، كاروكشين، باكالبا، جانكوه، تالماجور...الخ. ينبئ باكتشاف أطالس غير مكتشفة، يعلنها بلغة لا تملّ من البحث عن الأغرب فالأغرب، لاستخراجه بعد شحذه وتقديمه. تنغلق عوالم مختلقة، صحارى مسمّاة، على الكثير من القرّاء، وتنفتح بوّابات في الخيال، جديدة. قد يحلو للبعض الظنّ أنهم كشفوا شيفراته، وذلك باعتمادهم التأويل وتأويله، من دون أن يتيقّنوا ممّا توصّلوا إليه من افتراضات ومزاعم، فتبقى روائيّة ساحرة باللامألوف وسارحة فيه في الآن نفسه، يعاني القارئ من صعوبة تهجئتها، وتفكيكها وتركيبها، ويحرّض الأذهان على التنقيب عن معانيها قبل الغوص في الأبعاد الأخرى التي يفترضها. كما أنّه يجبر الحروف الساكنة على الالتقاء في كثير من الأسماء، من دون أن يتقيّد بقاعدة تحظر ذلك، ومن خلال ذلك يلاقي عالمين متحرّكين في عالم واحد ثابت، عالم بضوضائه وسرعة الزمن الخاطفة فيه، والآخر بهدوئه وانفتاحه على الاحتمالات وسكون الزمن فيه. مسافرون ينتظرون في محطّة القطار قطارهم الذي سيقودهم ويلقي بهم من دون أن يعنى بمصائرهم ولا إلى أين ينتهي بهم المطاف. كأنّ لوحة الإعلانات تحمل بشرىً ما بنبيّ جديد، ذلك بحسب قول غير مكترث يبشّر هو الآخر بظهور نبيّ ذي رسالة جديدة، وقد يكون النبيّ الجديد هو الحضارة بما حملته وتحمله كلّ يوم من جديد، مكتسحةً العالم بجديدها. يشي بذلك قوله أن أحد مفرزات الحضارة وهو القطار، يستعرض على الواقفين المتفرّجين آيته الصاخبة. يستنشقهم كدخان (ص 58). ويسرد عن القادم: "هناك من يبحث عنّي، هناك من سيخبرني شيئاً عن النبيّ الجديد، القادم إلى عشاء أبي يالوه" (ص 9). من الصفات التي يلبسها الكاتب للأنبياء عموماً ونبيّه خصوصاً العجلة واختطاف اللغة، حيث يرد على لسان هيدجيرا؛ إحدى شخصياته: "الأنبياء عجولون. النبوّة خطف للغة. بعد كلّ خطفٍ يتعهّد الأنبياء بإعادة اللغة إلينا في مقابل فدية" (ص 56)، "أكلّ شيء نبوّة شيء آخر؟"، سأل تاهشين (ص 46). كلّ نبوّة تفترض نبوّة تسبقها وأخرى تتبعها. ثمّ لا يلبث أن يقول على لسان شخصيّة أخرى أنّ نبيّهم القادم ليس عجولاً (ص 58). لكنّه يبقي النهاية، المختارة بعناية، مواربة، فيبقي قرّاءه وعالميه في انتظار نبيٍّ قد يأتي ليخلّص قومه، وإن وصل لاهثاً، إذ يعفو المتحضّرون عن الصحراويّين قائلين بشفقة تستبطن نوعاً من التهكّم: "لا نقتل من لم يتدبّروا لأنفسهم نبيّاً بعد" (ص 120). هل هذا هو موقف الغرب والمحيطين به وبأرضه من قضيّته؟!! تتجاذب شخصيّات الرواية وصف الرمل، حيث يتلفّت ثمة رمل قبالته وفي جواره أو يحيط به. الرمل في الرواية مفتاح فصولها، ومن صفاته الكثيرة، أنه يخفق، يتذرْذر، يتطاير، يتموّج، يركد (ص . كما أنه مروْحن؛ مبثوث فيه الروح، أو هو الروح، "الرمل روح. الأرواح خفيفة عادة" (ص31). وهو ناعم، غامرٌ برمليّته، (ص 49-62)، وقد يصاب المتأمل فيه خيراً بخيبة رمل (ص 84)، أي بخيبة أمل، وقد رمى الكاتب من خلال جناس حروف الكلمتين (رمل وأمل) إلى جناس مفعولهما. وهو في مكان آخر الشقيق، ذو الرسالة (ص 85-91). كأنّه يريد بناء الحضارة وفق مخطّطه الخاص، فتغدو ذرّات الرمل مكعّبات بين يديه، يعيد بها إعمار ما سيتلف من أنفاق بعد خيبة أمله ـ رمله، وبعد التظائه بالرمل المروّع، الذي يزيّن الأحجار ويصبح لها خماراً (ص 94)، ثم قبل النهاية، هناك إيصاء من الكاتب، في محاورة بين باكالبا وبالبور في الفصل الأخير (ص 117)، بكتاب تدريب للأقدام على ارتقاء السلالم الرمل. يسهب الكاتب في لعبة التعاريف التي عرف بها، حيث يقلب الصورة متلاعباً باللغة، مخترعاً صوراً جديدة، ومنها مثلاً: "البحر ضعف في منطق الرسم؛ ثرثرة في منطق اللون. البحر قمامة السماء يجمعها الرسّامون في براميل خيالهم، ثمّ يدلقونها علينا. البحر صدأ أزرق" (ص 18)، "الأنفاق عناية المعجزات الصغيرة بيتامى المعجزات الكبيرة. الأنفاق سطور في آخر كتابة دوّنها الآدميّ" (ص 19). يقول في تعريف الشطرنج: «الاحتكام إلى اللامتوازن. التبعيّة للغضب. اللانجاة. دخول إلى الحصار بلا أمل في الخروج منه. الشطرنج إقامة في المهجور الذي لا تعرفه حروفك اللقيطة، يا بيغون» (ص 36-37)، «الرسم شجار بين الأصل والنسخ». يستمرّ الكاتب كما في رواياته السابقة، "فقهاء الظلام"، "الأختام والسديم"، "دلشاد" وغيرها، في تدبيج وصفات غذائيّة يوصي بها لتعتمد، أو ينثر أسماء الكثير من النباتات والأطعمة، "خمائر العصفر ممزوجاً بكيلوس جرادة العدس، زهور البابونج، ورق الخبيز، الزبيب" (ص 12). الصحراء (لوكهين) تجتاح الغرب، فتبدو مترقبة بحذر منتظرة على مهل، كنهاية، يحتّمها الراوي، ستؤول إليها الحضارة الرملية. هل هذه نبوءة رمليّة يتنبّأ بها الكاتب، حيث سيغمر الرمل الغرب، ويقضي عليهم ليعيدهم إلى الأصل ـ الرمل. فمدنه من رمل، ضالّة ومضلّة، كما كانت "مدن الملح" لعبد الرحمن منيف. عالمان متنافران، يربط الكاتب بينهما، يجندلهما معاً فصولاً متتالية تترى في رواية تتشح بالرمل، تؤمن به وتلحد به، وبه تتزيّا، وتجيّره واللغة، كل منهما للآخر، ليحيّر بهما معاً ويربك. هل فاجأ سليم بركات قرّاءه ومتابعيه، ولا سيّما أنهم اعتادوا المضيّ في عوالمه الغرائبية التي افتتن بها، وفتن بها كثيرين، أم أنه فرض عزلةً واستيحاشاً يحياهما ويحيي بهما شخصياته، فيسرد ذلك رواية ليحتلّ بها قرّاءه غازياً انطلاقهم؟! هي التأويلات تنفتح على مصاريعها مع بركات، كونه عرّاب المتاهة وخيال الهاوية. كما يصف نفسه. الشرق شرقٌ والغرب غربٌ. هل تجد هذه المقولة أبعاداً لها في رواية "السلالم الرمليّة"؟ هل يسعى الكاتب إلى مقاربة تلك المقولة بإيراده فصولاً متعاقبة عن الحضارة والتطوّر، ومثيلات لها عن الصحراء وملحقاتها، حيث كلّ ما يبنى في الرمل هو محض خيال، فمن عادة الرمال أن تخون، وذلك بحسب قول الشاعر: بنيت في الرمل بيتاً/ وكم تخون الرمال. هنا يلغي الكاتب عالم الرواية واقعاً ويثبته خيالاً، ليحافظ على عنصر رئيسي في هذه الحياة، من دون أن يخيب أمله، ومن دون أن يتناثر رمل كلماته، وإن انتثرت فتصير أملاً حيناً وألماً حيناً آخر. ( سوريا) عن صحيفة النهار اللبنانيّة - الثلثاء 27 أيار 2008 - السنة 74 - العدد 23361 | |
|
عاشق الجبال Admin
عدد الرسائل : 3531 تاريخ التسجيل : 02/11/2007
| موضوع: رد: السلالم الرملية" الخميس مايو 29, 2008 9:56 pm | |
| كل التقدير لك اخي العزيز على تقديم ماهو جديد | |
|
SHPALL عضو
عدد الرسائل : 1232 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 27/10/2007
| موضوع: رد: السلالم الرملية" الجمعة يوليو 04, 2008 7:13 am | |
| | |
|