فارس عثمان : الكرد والأرمن .. العلاقات التاريخية

Admin عدد الرسائل : 1553 تاريخ التسجيل : 06/11/2007

بين حين وآخر يتهم الأكراد باشتراكهم مع السلطات التركية في مجازر الأرمن – بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى - ، والحقيقة أن قسما من الأكراد
قد شارك في هذه المجازر فعلا ، وكان ذلك ضمن خطة تركية لتوريط الأكراد في مثل هذه المجازر ، ومن ثم لإضعافهم والانقضاض عليهم ، فيما بعد ، وما يلفت الانتباه أنه يتم تضخيم هذا الاشتراك إلى حد التعصب ضد الكرد هذا بالرغم من أن قسما كبيرا من الأكراد قد حافظ على حياة المئات والآلاف من الأرمن الهاربين من بطش السلطات التركية آنذاك

الكتاب الحالي يتناول العلاقات التاريخية بين الأكراد والأرمن ، ويسلط الضوء على النقاط المضيئة كما والمعتمة في تاريخ هذه العلاقات ، وتأتي العلاقات الأرمنية الكردية بحكم عوامل التاريخ والجغرافيا

فتاريخيا : يشير المؤلف إلى انه منذ وصول هجرات القبائل الآرية إلى كل من الهضبة الإيرانية والهضبة الأرمينية ومنطقة القفقاس في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الأول قبل الميلاد ، شكل الكرد والأرمن جزءا مهما من سكان هذه المناطق ، بدأت العلاقات العامة بين شعوب هذه المناطق ومن بينها العلاقات الكردية الأرمنية نتيجة التداخل الجغرافي وتشابه نمط المعيشة بين الشعبين ، بالإضافة إلى الخضوع المشترك لدولة واحدة خاصة في عهد الإمبراطورية الآشورية

وجغرافيا : ساعدت الجغرافية المتداخلة كلا الجانبين على إقامة علاقات متبادلة اجتماعية واقتصادية أولا وسياسية لاحقا فقد كانت هناك عوامل تبعد الشعبين عن بعضهما البعض ، كما كانت هناك عوامل أخرى تقرب بينهما

يشير المؤلف إلى أن قائد الانتفاضة الشعبية الشيخ عبيد الله النهري قد أكد على رفض الظلم الممارس من قبل السلطات التركية والإيرانية وعلى ضرورة التقارب مع الشعوب الأخرى المجاورة للشعب الكردي وبخاصة الشعب الأرمني ، وذلك عندما أعلن في المؤتمر الذي عقده الزعماء الكرد للتحضير للانتفاضة ، ردا على بعض الذين احتجوا على معاهدة برلين 1878 قائلا : " إن السلطات التركية تريد أن يضرب الأكراد بالمسيحيين وحين يقضى على المسيحيين ستوجه السلطات التركية اضطهادها إلينا "
لقد شهد بداية القرن العشرين تطورا في العلاقات بين الجانبين ، جاء نتيجة اللقاءات والاتصالات التي تمت بين ممثلي الشعبين الكردي والأرمني ، ولا سيما بعد الانقلاب على السلطان العثماني عبد الحميد الثاني من قبل حزب الإتحاد والترقي ، ونشر الدستور العثماني عام 1908 وإعلان المساواة بين الشعوب العثمانية ورفع شعارات ( الحرية ، الإخاء، المساواة) ، وكذلك انتشار الصحف والمجلات والجمعيات والنوادي الأرمنية والكردية التي دعت إلى التوحد ورص الصفوف ، ومن أهم الدلائل على ذلك انتفاضة "بدليس" عام 1914التي اندلعت عشية الحرب العالمية الأولى ، فمنذ وصول حزب الإتحاد والترقي إلى سدة الحكم في استانبول اتخذ قادة هذا الحزب مواقف عنصرية تجاه معظم الشعوب والقوميات غير التركية في الإمبراطورية العثمانية التي كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة ، وقد عزز ذلك الموقف العنصري هزيمة تركيا أمام إيطاليا في ليبيا عام 1911 وفي البلقان عام 1912 إضافة لتوتر الأجواء الدولية عشية الحرب العالمية الأولى ، في هذه الأجواء خطط بعض أفراد الأسرة البدرخانية وخاصة النائب حسين باشا ، الذي حصل على موافقة معظم الزعماء الكرد في المنطقة ( للقيام بانتفاضة كردية عامة في ولايات بدليس، ديار بكر، الموصل، السليمانية / كركوك ، وذلك للتحرر من الحكم العثماني وبناء كيان كردي خاص بهم – إمارة كردية- ) وشكل قادة الانتفاضة لجنة سميت لجنة عمل الإنتفاضة لجمع شمل الزعماء والتنظيمات الكردية تحت سقف واحد ، وكانت هذه اللجنة باسم " الإرشاد" بمثابة حزب كردي

وكذلك سعى قادة الإنتفاضة ومنذ الإعداد لها إلى الاتصال مع الزعماء الأرمن وطالبوا منهم المشاركة في الإنتفاضة ، وحصل تعاون بين المنتفضين الكرد والأرمن ، وهذا ما أقلق السلطات التركية فلجأت إلى الطلب من زعماء الأرمن في ولاية "موش " حمل السلاح بوجه الإنتفاضة الكردية وهذا التكليف أوقع الأرمن في موقف محرج فتعاملوا مع هذا الموقف بعقلانية ، حيث أعلنوا ولاءهم للوالي وأكدوا أنهم لن يتعاونوا مع السلطات التركية أبدا، ولن يرفعوا السلاح في وجههم

ومن الدلائل الواضحة على العلاقة الحميمة بين الكرد والأرمن يشار إلى العلاقات المميزة التي قامت عقب ثورة الشيخ سعيد بيران بين حزب " الطاشناقسوتيون " حزب الاتحاد الثوري الأرمني وحزب " خويبون " الكردي ، والتي جاءت بعد سلسلة من اللقاءات بين بعض الزعماء الكرد وبعض ممثلي الشعب الأرمني في كردستان والمهجر ، ومن ثم استمرت في سوريا ولبنان

وتجسدت العلاقة الكردية الأرمنية في الصحافة الكردية إذ لعبت صحيفة كردستان ( الصادرة في ابريل عام 1898 م في القاهرة ، وهي أول جريدة كردية مطبوعة برئاسة مقداد بدرخان ) وغيرها من الصحف الكردية دورا مميزا لقطع الطريق على السلطات التركية التي سعت بكل الوسائل بذر الشقاق والخلاف بين الكرد والأرمن ، ولتعميق أواصر العلاقة التاريخية بين الطرفين

لقد لعبت جمعية الاتحاد والترقي التركية بمشاعر وعواطف المسلمين عندما صبغت مشاركتها في الحرب العالمية الأولى بطابع ديني ، فنشرت بطلب من ألمانيا بيانا باسم السلطان العثماني " محمد رشاد" بصفته خليفة المسلمين بإعلان " الجهاد المقدس" ودعوة المسلمين في كل مكان من العالم للمشاركة في هذه الحرب باعتبارها واجبا دينيا مقدسا ، وبعد التمهيد بدقة متناهية بدأت عمليات الإبادة الجماعية " الجينوسايتد" وانطلقت المرحلة الأولى منها مع بداية دخول الحرب العالمية الأولى في عام 1914 بقتل (150) ألف جندي وضابط أرمني في الجيش التركي على الجبهة الروسية ، والمرحلة الثانية والحاسمة بدأت بشكل رسمي في ليل 24 نيسان 1915 باعتقال ( 600) شخصية دينية وسياسية و ثقافية وعلمية أرمنية بارزة ، وأعقب ذلك عملية تهجير واسعة من الأقاليم الأرمنية إلى صحاري سوريا والعراق ، تخللتها أعما نهب وسلب واختطاف وقتل لا مثيل لها ومن 24 نيسان 1915 وحتى هدنة " مودرس " في 30 تشرين الأول 1918 تم في مذبحة جماعية منظمة ومخططة إبادة أكثر من مليون ونصف أرمني ، وفيما يتعلق بالمشاركة الكردية يشير المؤلف إلى أن هذه المشاركة كانت ذات طابع فردي بحت وكان بعض الأكراد يمثلون السلطات التركية مثل " تشكيلات الفرسان الحميدية" لأنهم كانوا جزءا من القوات العثمانية ، وهم لا يمثلون الشعب الكردي ، إلا أن الغالبية العظمى من الكرد لم يشاركوا في المذابح التي تعرض لها الأرمن ، لأنهم هم أيضا كانوا يتعرضون للاضطهاد العثماني، ويشار إلى أنه بعد هدنة " مودرس 1918"واستسلام الدولة العثمانية زار ممثلون عن الكرد السلطات البريطانية في حلب وكشفوا عن أنهم قد حموا الآلاف من الأرمن في قراهم وأريافهم ولمدة أكثر من أربع سنوات

الكتاب جدير بالقراءة وهو العمل الأول عن العلاقات التاريخية الكردية الأرمنية

باللغة العربية بشكل أكثر موضوعية وتفصيلا

هامش:
الكتاب : الكرد والأرمن .. العلاقات التاريخية

المؤلف : فارس عثمان

الناشر : دار الينابيع 2008 دمشق

الصفحات : 157 قطع متوسط

المؤلف في سطور: فارس عثمان - مجاز في التاريخ جامعة دمشق 1984– أصدر بالإضافة لكتابه الحالي - كتابا بعنوان " زرادشت والديانة الزرادشتية دار المحبة دمشق 2003 " - يكتب البحوث التاريخية والفكرية في الدوريات المحلية والعربية

العنوان – سوريا القامشلي – ص ب 859 – حواس محمود

Admin عدد الرسائل : 3531 تاريخ التسجيل : 02/11/2007

شكرا على التقديم

لايخفى على اثنين
كم هي العلاقة متينة بين الكرد والاىرمن
والتي نتمنى ان تبقى الى الابد هكذا
تحياتي لك اخي افيندار

مشكور اخي ديلا نعلى التفديم الممتاز للكتاب

فارس عثمان : الكرد والأرمن .. العلاقات التاريخية 532909

» الكرد والأرمن العلاقات التاريخية
» خرائط لأقاليم الروح للكاتب زاغروس عثمان
» لم يوافق أهلك على فتاة/ فارس أحلامك عند الخطبة...ماذا تفعل؟
» الناتو: العلاقات مع روسيا دخلت مرحلة صعبة
» وفاة البرلماني السابق عثمان محمد سليمان