بشار الأسد قد يكون نجا من محاولة انقلابية في اكتوبر يقف ورائها ضباط موالين لرفعت الأسد
كشف لنا مصدر سوري ان التوتر أصبح ملموسا أكثر فأكثر في سورية حيث النظام، يتهم جزءا من الجيش بالتآمر من أجل إسقاط بشار الأسد لفائدة عمه رفعت الأسد ...
... فمنذ شهور وخاصة منذ الانقلاب الفاشل منتصف شهر اكتوبر تم اختفاء آلاف من أنصار رفعت ومن بينهم ضباط الجيش.
وحسب مصدرنا في دمشق فإن المحاولة الانقلابية الأخيرة تم التخطيط لها نهاية رمضان الماضي ( منتصف أكتوبر). فقد فكر عدد كبير من الضباط في انقلاب ضد الرئيس الأسد. عبر اعتقاله أو اغتياله خلال صلاة عيد الفطر التي يشارك فيها تقليديا الرسميون السوريون في المسجد الأموي في دمشق. لكن، الرئيس، الذي كان حذرا ويشعر بكونه مهددا توجه إلى مسجد خالد بن الوليد في حمص بدلا من مسجد دمشق. وهناك أربعة ضباط على الأقل من بين المدبرين المفترضين للعملية الانقلابية، وعشرات الجنود تم إلقاء القبض عليهم وهم مفقودون منذ حوالى شهر كما أكد لنا مصدرنا.
رد دمشق: قمع وتنازلات.
هذه الأخبار أتت لتعزز أخرى التي تتحدث عن اختفاء حوالى ستة آلاف شخص في الشهور الأخيرة، وتعرض أقرباؤهم الذين توجهوا إلى السلطات لمعرفة مصير المفقودين أو الاحتجاج على اعتقالهم، تعرضوا هم بدورهم للاحتجازوالاعتقال. وينتمي ضحايا هذا القمع أساسا إلى شريحتين من المجتمع السوري:
السنة، الذين تمت مؤاخذتهم على التآمر مع المنشق عبد الحليم خدام، نائب الرئيس السوري السابق.
والعلويون الذين أصبحوا يؤيدون، أكثر فأكثر، عودة رفعت الأسد. هذا وقد نظم أنصار رفعت عدة مظاهرات رفعت فيها صوره في مختلف المناطق العلوية بما في ذلك القرداحة مسقط رأس الأسرة، وحيث دفن الرئيس السابق حافظ الاسد. وتم قمع تلك المظاهرات بعنف.
كما تم خنق انتفاضات الضباط السنة الذين يحتجون على تهميشهم في المهد وخاصة في حمص.
تركز الضغط مؤخرا على النظام السوري سيما بعد قطع كل علاقاته بالسعودية ومصر. وكان هذان البلدان، دائما، مدافعين عن دمشق على الساحة الدولية. كما كانا وسيطيه مع الولايات المتحدة. غير ان تعزيز التحالف السوري الايراني وسياسة سورية في لبنان قد سرعا القطيعة بين دمشق والرياض والقاهرة. وهناك حرب بيانات عبر الصحافة قد عوضت العلاقات الديبلوماسية التقليدية.
فقد تدهورت العلاقات بشكل واضح مع السعودية عندما استقبل الملك عبد الله رفعت الأسد في شهر اكتوبر الماضي، مما دل على دعمه لاسقاط نظام دمشق. وكذلك مع مصر عندما استقبل حسني مبارك سعد الحريري مانحا دعم القاهرة للأكثرية البرلمانية اللبنانية. وقد ردت الصحافة السورية على ذلك بنعت مبارك بالهرم الخرف والحريري يالشاب المراهق في السياسة.
يبقى ملاحظة ان هذا الضغط قد بدأ يؤثر على السياسة السورية. فقد نظم السوريون، في الأيام الأخيرة، زيارة موجهة إلى الحدود العراقية هدفها اطلاع الديبلوماسيين المعتمدين في دمشق والصحافيين الأجانب بأن سورية اتخذت الاجراءات الضرورية لتأمين الحدود مع العراق. لقد تم نشر أكثر من عشرين ألف جندي هناك وتم انشاء مراكز قارة للمراقبة. وهو إجراء كانت الولايات المتحدة قد طالبت باتخاذه عام 2003 دون جدوى.
وكذلك فإن هذه الضغوط دفعت دمشق إلى تأجيل،( وهنا ينبغي قراءة إلغاء،) مؤتمر للقوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية التي قررت أن تعقده قبل مؤتمر السلام في انابوليس. وتحاول ايران استضافة وتمويل المؤتمر الفلسطيني. وهناك بعض المعلومات التي تتحدث، أيضا، عن برود علاقات سورية مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس على الاقل على مستوى الواجهة والذي أصبح تواجده في دمشق مضايقا لها. وقد ينتقل للاستقرار قريبا في طهران.
إن التنازلات السورية تؤكد ان نظام دمشق قد بدأ يرتعد. فخلال شهور انفجر مستودع للاسلحة الكيميائة في حلب وكذلك مصنع لتعبيئة قنينات الغاز وجزء من منطقة دمشق الحرة، كما وقعت غارة اسرائيلية على موقع حساس في شهر سبتمبر اضافة الى محاولة انقلابية في منتصف اكتوبر وانتفاضة للضباط السنيين في حمص والمظاهرات المناوئة للنظام في المناطق العلوية...
ولمواجهة هذا الاضطراب، ومن أجل تجنب السقوط، وشراء بقائه في السلطة، فإن بشار الأسد قد بدأ بتقديم تنازلات على كل الجبهات باستثناء لبنان.
" إنها ورقته الأساسية الوحيدة التي ينوي استخدامها" هكذا تتخوف الأكثرية البرلمانية اللبنانية. يريد أن يقايض استقرار بلاد الارز بالمحكمة الدولية" ومع ذلك فإن الأسد قد التزم باحترام خارطة الطريق الفرنسية من أجل إنجاح انتخاب الرئيس اللبناني المقبل. لكن دمشق في الواقع تراهن على حلفائها اللبنانيين، حزب الله والجنرال عون على رأسهم من أجل إفشال كل حل في لبنان.
التهديد الإيراني
قمة النفاق أن انقاذ النظام السوري قد يتم تحقيقه من قبل اسرائيل. فالدولة العبرية متشبثة بنظام الأسد، الوحيد القادر على الحفاظ على الهدوء على جبهة الجولان، في الوقت الذي يتحرش على اسرائيل في غزة ولبنان.
إن هذه هي الرسالة التي أرسلها مؤخرا ايهود اولمرت وايهود باراك اللذان أعلنا يوم 14 نوفمبر بأن اسرائيل ستدرس ثمن اعادة الجولان إلى سورية إذا نقضت هذه الأخيرة تحالفها مع إيران. "إن هذا الثمن في متناول يدنا" كما استنتجا. لكن في هذه الحالة فإن طهران والحرس الثوري هم الذين سيدبرون الاطاحة بالأسد بعد تسلل عناصره الى أجهزة المخابرات السورية. إن إيران تتشبث بتحالفها مع سورية كشرط ضروري لأدامة تواجد وقوة حزب الله في لبنان واقامة الامبراطورية الفارسية والمحور الشيعي حتى البحر المتوسط. لأن تدمير اسرائيل، الذي طالما حلم به الملالي الايرانيون سيكون عنئذ في متناول اليد. ألم يتنبأ آية الله الخوميني بأن لو أن كل مسلم ألقى بسطل من الماء على اسرائيل، فإن هذا البلد سينتهي؟ أما أتباعه: على خامنئي، وحسن نصر الله فإنهما سيلقيان على الأقل عشرين ألف صاروخ لمحو اسرائيل وتغيير المنطقة