الرحــيــل
إذا قررت الركض يوما.... فاصطدمت بالجدار..
أو فكرت في الطيران إليهم.... فاصطدمت بالسقف..
أو حاولت السباحة نحوهم..
فتحول البحر إلى كتلة من الجليد .. فعندها فقط ..
انتعل إحساسك بالإحباط..
وأرحل بلا صوت..
وحين تكتشف:
أن الزمان ليس زمانك.. وأن المكان ليس مكانك... والإحساس ليس إحساسك..
وأن الأشياء حولك لم تعد تشبهك.... وأن مدن أحلامك ما عادت تتسع لك ..
عندها.. لا تتردد....
..
وأرحل بلا صوت
..
وعند الرحيل
يغلق البعض في وجهك كل أبواب الرحيل ... كي يمنعك من الرحيل..
لأنه يحبك ..
والبعض يعترف لك بحبه عند الرحيل ... كي يبقيك معه ...
ويكتشف البعض الآخر أنه يحبك بعد الرحيل ...
فيحترق ويحرقك باكتشافه المتأخر ...
وعند الرحيل :
لا تضيع وقتك بالبحث في أحشاء اللغة لانتقاء كلمات الحب ..
أو الاعتذار أو الوداع ..
فكل الكلمات التي تولد لحظة الفراق ..
إنما هي مجرد محاولات فاشلة..لتبرير وتفسير هروبك..
وحين تقرر الرحيل ...
لا تدفن رأسك في الرمال كما النعامة ..
كي لا تلمح وجوه أولئك الذين أحبوك بصدق ... وراهنوا على بقائك
معهم فخذلتهم برحــــــــــيـلك..
ولا تبك بصوت مرتفع كالأطفال :
كي يصل صوتك لأولئك الذين أحببتهم بالصدق ذاته ..
فــــخذلوك
وأترك المساحات خلفك بيضاء وشاسعة لهؤلاء وهؤلاء ....
كي يمارس كل منهم طقوسه بطريقته الخاصة..
وتأكد مهما كان لون أو شكل أو حجم صمتك عند الرحيل :
فـلرحيلك صوت قد تسمعه كل الكائنات .... لكنه لن يؤلم أبدا
ولن يصل إلا لأولئك الذين يشكل لهم وجودك شيئا من الوجود ..
الرحيل بلا صوت
هو أجمل هدية نقدمها لأنفسنا كي نختصر بها مسافات الألم و الإحباط
والفشل ..حين نشعر بأن كلماتنا لا تصل إليهم ..
البعض يشتري إحساسك لأنه يحبك ..
والبعض الآخر ... يبيع إحساسك لأنك تحبه