غطت المعركة السياسية في تركيا على تعيين رئيس جديد لأركان الجيش وإخضاع المارد العسكري لحكومة رجب طيب أردوغان، على تفاصيل سجال آخر يوشك أن يبدأ في تركيا، مع عودة الناشط الكوردي المعروف كمال بورقاي إلى البلد بعد غربة استمرت 31 عاما قضاها في السويد لاجئا سياسيا هربا من الانقلاب العسكري في عام 1980، ومن تهم سياسية وتحقيقات قضائية، بدا لافتا كما ذكرت وسائل الإعلام التركية أن الرجل الذي رحل عندما استلم الجيش زمام الأمور في تركيا، قرر أن يعود لدى تأكده من أن الجيش انسحب إلى ثكناته والأهم من ذلك أن حكومة حزب العدالة والتنمية التي دعته إلى العودة، تراهن على هذا القيادي الكوردي ليساعد في تسوية أبرز قضية تعرقل تطور الديموقراطية في تركيا.
وكان واضحا احتفاء الحكومة ببورقاي، إذ التقى فور عودته وزيري السياحة اليساري أرطغرل غوناي وشؤون الاتحاد الأوروبي أغامان باغيش.
ويقول مقربون من الحكومة إن أردوغان يراهن على إيجاد منافس سياسي قوي لـ"حزب العمال الكوردستاني"، بعدما فشل حزبه في السيطرة على الساحة الكوردية على الأرض.
وبورقاي نشط في الحركة الكوردية اليسارية، إلى جانب عبد الله أوجلان، قبل أن يؤسس الأخير "حزب العمال الكوردستاني" وينشق عن خطه لخلافات سياسية، ويطلق العمل المسلح العام 1984، ويحظى بورقاي باحترام مميز لدى الأوساط الكوردية، كونه أديبا وشاعرا معروفا ولنزوعه إلى السلام والحوار.
ويرى خبراء في الشأن الكوردي، أن بورقاي وقياديين كورد مستقلين مثل شرف الدين ألتشي، يمكنهم تشكيل حركة كوردية سياسية أو فكرية تكسر احتكار "الكوردستاني" الحياة السياسية الكوردية في تركيا، ما قد يساهم في تسوية القضية الكوردية والابتعاد عن العنف، ولعل هذا ما دفع "حزب السلام والديموقراطية" الكوردي، الجناح السياسي لـ "الكوردستاني"، إلى دعوة بورقاي إلى الانضمام إليه وعدم شق الصف، كما قال القيادي في الحزب حسيب قبلان، خصوصا أن الدولة التركية تجري الآن حوارا مباشرا مع أوجلان، بعد تسريب أنباء مفادها أن رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان يدير شخصيا تلك المفاوضات في سجن إمرالي.
في المقابل، تبدي أوساط سياسية أتاتوركية وعلمانية شكوكا في عودة بورقاي واحتفاء أوساط دينية به، على غير عادتها، متسائلة عن سبب احتفاء جماعة فتح الله غولان الإسلامية والمقربين منها، برجل عُرِف عنه ولاؤه المطلق لليسار، لكن يساريين يرون أن عودة بورقاي ستساعد كثيرا في إنهاء العنف في تركيا، وفتح آفاق للحوار من أجل تسوية القضية الكوردية، مشيرين إلى أن الجيش منع، عندما كان مهيمنا على الحياة السياسية، أي وجود لحزب سياسي كوردي، ما ساعد "حزب العمال الكوردستاني" المسلح على الإنفراد بالساحة الكوردية، وتصفية جميع منافسيه.
ويعتبر هؤلاء أن انسحاب الجيش إلى ثكناته قد يدفع الكورد أيضا إلى دعوة "الكوردستاني" إلى الانسحاب أيضا لإعطاء فرصة للحوار بين المدنيين والمُنتخبين.