هل تحول داء السكري عند الأطفال إلى وباء؟
--------------------------------------------------------------------------------
عوامل متنوعة تؤدي إلى حدوثه منها الوراثة والالتهابات الفيروسية
السكري عند الأطفال ظاهرة منتشرة في معظم دول العالم، حيث يصل انتشاره بين الأطفال في سن المدرسة الى حوالي 2 لكل 1000 طفل، وهو يقترب لأن يصبح وباء يتفشى بين اطفال العالم بوجه عام والخليجيين بوجه خاص لما اتصفوا به من أوزان زائدة وانعدام الحركة والنشاط، وللتغيير الكبير في نمط حياتهم الغذائي، بكثرة تناول الوجبات السريعة والجلوس أمام التلفزيون أو أجهزة الكومبيوتر لفترات طويلة.
السكري عند الأطفال، من أكثر الأمراض التي تسبب لهم معاناة طويلة تمتد مدى حياتهم، ولا تقتصر المعاناة على الأطفال المصابين بالسكري، بل تمتد الى جميع أفراد الأسرة. ويضيف هذا المرض عبئاً مالياً تتحمله الدول في مواجهته كمرض مزمن والتخفيف من مضاعفاته، إنه ليس بالمرض السهل ولا البسيط.
* انتشار السكري
* تقول الدكتورة عبير محمد حامد، استشارية طب الاطفال والغدد الصماء بالمستشفى السعودي الالماني بجدة واستاذة مساعدة بكلية الطب جامعة القاهرة، أن هناك اعتقادا يسود الكثير من المجتمعات بأن داء السكري مرض لا يصيب الا كبار السن، بينما هو مرض اصبح بالفعل وباء. وتؤكد ذلك الإحصاءات التي تشير إلى ان 240 مليون شخص حول العالم يعيشون بمرض السكري، وأن اكثر من 70%من هذا الرقم يعيشون بالدول النامية. ويتوقع ان يزيد هذا الرقم خلال 20عاما، أي بحلول عام 2030 تقريبا، إلى 380 مليون مريض.
أما بالنسبة لصغار السن، فيقدر عدد المصابين بالسكري تحت عمر 15عاما ب70 الف طفل كل عام أي ما يعادل 200 طفل يوميا (مصابين بما يعرف بالنوع الاول من السكري وهو المعتمد على الانسولين).
وتضيف الدكتورة عبير حامد أن نسبة الاصابة بالسكري، في المملكة العربية السعودية، كانت لا تتعدى 2,5 % في عام 1970 ثم وصلت الى 24% من عدد السكان ممن هم فوق سن الثلاثين عاما حسب الاحصاءات التي نشرت عام 2004.
كما تشير احصاءات أخرى الى ان النسبة قد تجاوزت 10% في كل من سلطنة عمان والبحرين.
هذا ومن المعروف ان السمنة تزيد من خطر الاصابة بالنوع الثاني من السكري بمعدل 10 اضعاف عن ذوي الوزن الطبيعي، خاصة اذا كانت السمنة في منطقة الخصر.
توضح الدكتورة عبير حامد، بأن داء السكري هو على نوعين:
النوع الاول، وهو السكري المعتمد على الانسولين، في هذا النوع تكون خلايا البنكرياس التي تسمى خلايا بيتا قد تم تدميرها بالتدريج واصبحت غير قادرة على انتاج الانسولين، لذلك فإن النقص في كمية الانسولين يكون مدى الحياة. ويحتاج الطفل الى أخذ الانسولين كعلاج دائم ووحيد لتنظيم عملية توازن السكر في الدم.
* الأسباب والتشخيص
* تقول الدكتورة عبير حامد أن اسباب الاصابة بالنوع الاول من السكري متعددة، وقد ترجع الى خلل بالجهاز المناعي، حيث يقوم الجهاز بالجسم بمهاجمة خلايا البنكرياس وتدميرها. وايضا قد ترجع الى عدة عوامل مثل الوراثة، إلا أن الدراسات الأخيرة، أثبتت ان نسبة حدوثها لا تزيد على 10% اذا كان الاقرباء الذين لديهم داء السكري هم من الدرجة الاولى. ومن الأسباب أيضا حدوث بعض الالتهابات الفيروسية التي قد تؤدي الى تدمير خلايا بيتا وحدوث مرض السكري.
وقد اظهرت الدراسات وجود فرق في نسبة الاصابة بالنوع الاول للسكري بين الاطفال الذين تم ارضاعهم عن طريق الرضاعة الطبيعية وبين الاطفال الذين تم ارضاعهم عن طريق الرضاعة الصناعية في المراحل الاولية من العمر حيث تزيد نسبة الاصابة فى حالات الرضاعة الصناعية. ويُعتقد ان الحليب البقري به مواد بروتينية قد تسبب تحسسا لدى الاطفال.
اما بالنسبة للنوع الثاني من السكري، والذي يسمى سكري البالغين، فإن خلايا البنكرياس تقوم بانتاج الانسولين ولكن خلايا الجسم لا تستجيب لعمل الانسولين وهذا النوع تظهر اعراضه تدريجيا، ويتميز بوجود تاريخ عائلي للسكري حيث وجد ان من 45% الى 55% من الحالات يكون احد الوالدين يعاني فيها من الاصابة بداء السكري.
وعادة ما يتم تشخيص داء السكري من النوع الثاني بين الاطفال والمراهقين بعد سن العاشرة، وتمثل المرحلة العمرية من 12الى 16 عاما الفترات التي يتم فيها تشخيص الاصابة. ويعاني اكثر من 85% من المصابين بهذا النوع من زيادة في الوزن.
لقد اشارت العديد من التقارير الدولية الى ان 45% من حالات السكري المشخصة حديثا بين الاطفال تنتمى لهذا النوع الثاني. ويمكن التحكم بهذا النوع عن طريق تنظيم الغذاء وكذا عن طريق الممارسة المنتظمة للرياضة، وفي معظم الاحيان يحتاج المصاب الى علاج (الانسولين).
ومن مظاهر مقاومة الانسولين عرض "الشواك الاسود"، وهو عبارة عن اضطراب يتميز بوجود تغير جلدي ذي ملمس مخملي مع زيادة الصبغة بالجلد ذي لون بني فاتح إلى أسود، وهو من أهم وأول الأعراض التي تحدث. ويظهر هذا الشواك في المنطقة تحت الابطية او خلف الرقبة وعلى الظهر.
* الوقاية والعلاج
* تؤكد الدكتورة عبير حامد على أن الرصد المبكر لكلا النوعين من المرض يعتبر من اهم خطوط الوقاية من السكري، كما وإن رعاية الأسرة لطفلها المصاب بداء السكري أمر مهم وأساسي وتكون بقياس سكر الدم أو البول يوميا في بداية العلاج ثم يجرى مرتين بالأسبوع ثم كل أسبوع مرة واحدة وذلك بعد مرور فترة من العلاج وعندما يستقر بإعطاء الأنسولين (جرعة الأنسولين). من المهم أيضا ضمن جهود الأسرة في علاج الطفل المصاب عمل اختبارات طارئة إذا ظهرت أي علامة لنقص سكر الدم أو ارتفاع سكر الدم. وبخصوص المعالجة الدوائية، فتتم بإعطاء الأنسولين تحت الجلد وفق جرعة وخطة معينة يضعها الطبيب المختص مع ضرورة المتابعة والمراجعة الدورية.