أرى أن قضية المرأة من ابرز المسائل المعروضة على ساحة الفكر في هذا المجتمع ، فان التفكير في علاج المشاكل المتعلقة بها من مختلف الزوايا مفتاح الحل لكثير من العقد الأخرى ، فقد طال الزمان ولم يتم علاجها بالطرق الديمقراطية الصحيحة وبقي الغبار عليها واختنقت بسببها ، فالمرأة تعمل جاهدة لتقدم بكل ماتملك من الحنان والإحساس الرقيق وبعض الطاقات التي تكون أحيانا صعبة عليها بس في سبيل سعادة عائلتها ، وتضع على عاتقها تربية أطفالها تربية حسنة والعمل على تعليمهم أسس حياتية صحيحة وأبعادهم عن كل عمل يرجع بشكل سلبي عليهم وحل مشاكلهم بالطرق السليمة ، بعكس الزوج الذي لم يفكر يوما بحمل شيئا بسيطا من هموم المرأة ومواجهة الصعوبات التي تحملها هذه الحياة التي تكون غير قادرة على حملها بمفردها ، فحتى الان كمجتمع كردي الذي ننادي فيه بإغاثة المظلوم وقهر الظالم لم نتوصل إلى تحديد دور فعال للمرأة الكردية ، وإيجاد الطرق المناسبة لاستخلاصها من ذاك الغبار القذر لتكون قادرة على تنفس هواء الحرية وفتح عيونها لرؤية المناظر الجميلة التي تتمتع غيرها بها في البلدان المتقدمة في الفكر والثقافة و يعشقون الحياة ، ورفع ستار الإهمال عنها لكشف وجهها الحقيقي المفعم بالتفاؤل والإصرار على أثبات الذات في هذا المجتمع ، فبدونها لن تستمر الحياة ولن يستطيع الرجل أن يحقق شيئا من النجاح إلا بوجود امرأة خلفه يقدم له الدعم المعنوي وإحساسه بالثقة والإصرار على النجاح ، وكثير من الناس يصرون على بقائها في عالم التخلف وعدم معرفتها أية مجالات أخرى تتعلق بتطوير ثقافتها وتقوية شخصيتها لتكون عضوا بارزا في المجتمع، والبعض الأخر هاجموا بشكل شرس ضد تعليم المرأة متحججا بأنها أن عرفت الكتابة والقراءة يمكنها من مراسلة الآخرين من الشباب كي يكونون فقط لتأدية الواجبات المنزلية وأصحاب هذه الفكرة من المتزمتين دينيا الذين لا يحبون أحدا إلا أنفسهم فقط ويملكون في داخلهم مرض خبيث يأكل أحشائهم وهو الشك والغيرة ، فان المرأة تعمل اليوم إلى جنب الرجل في المعامل و المؤسسات والوظائف لتقديم المساعدة إلى أبيها أو شريك حياتها لرفع شيئا من الثقل المادي المترتب على كتفه المنحني من ثقل الفقر لان الظروف الحالية من الحياة المعيشية أصبحت صعبا جدا ، فالمرأة التي عاشت في الزمن الماضي كان المجتمع ذو فكر ضيق ولا تتوفر فيها نظرة مستقبلية واسعة البعد إنما نظرة محدودة متخلفة لعدم وجود العقلية المثقفة القادرة على تغير الواقع الذليل للمرأة وعدم توفر وسائل حياتية متطورة وحديثة كالانترنيت والستلايت والهواتف الحديثة وكان وضع الدين من أولويات تصرفاتهم تجاه المرأة وكانت تمارس بحقها الكلام القاسي التي تفقدها كرامتها وكانوا يلجئوا إلى ممارسة الضرب بحقها إذا أدلوا برأي مخالف لرأيهم أو نقد فكرة خاطئة حتى إذا كانت رأيها هي الأصح ، ولا يجوز للمرأة أن تحشر انفها في أي شي فهي للطبخ و النفخ ، فعلى العكس يمتلك زمننا الحاضر كل شي مناسب يمكن تغير هذه المعادلة الخاطئة في برهانها ، فقد رسخت الدول في الغرب مفهوم الديمقراطية وحرية الرأي لعموم البشر وللمرأة والرجل معا دون تفريق ، فكيف نطالب بحقوق شعبنا المغتصب ونحن نكبت حرية أنفسنا ونجرد المرأة الكردية من ابسط ما يملكه من العقل الناجع الذي يعود علينا بالفائدة فأنها لم تحصد ثمار جهدها وعقليتها العلمانية فلابد الاستفادة منها في تحديث وتطوير هذا المجتمع ، فعلى العكس نقدم على تجميدها وتحجيرها في زنزانة جمجمتها ، كي لا يكون هناك من مواجهة المرأة ويكون للرجل الرأي الأول والأخير من دون خوف ، فهل هذا يعود على اختلاطنا بالمجتمع العربي الإسلامي التي ظل متخلفا حتى وقتنا هذا دون تطوير، إن كثير من الأفكار والمفاهيم في ذهنية الرجل عن المرأة عبارة عن تراكمات وترسبات تاريخية طويلة تمتد من العصور الأخيرة للجاهلية وما قبلها في بعض الأحيان وحتى الوقت الحاضر مرورا بما م به المجتمع الإسلامي من أحداث وفوضى ونزاعات دامية وتخلف وافتقار إلى الأمن والحرية وانطلاقا من رسخ احترام حقوق الإنسان وعدم وجود فرق بين الرجل والمرأة وانطلاقا من الإيمان بان التحدي الأكبر الذي تجابهه امتنا الكردية هو ضرورة التوافق مع روح العصر الذي هو الإحساس بإيقاع الزمن المتسارع وإدخاله على منظومة القيم والحياة لتطوير منهج قضينا التي هي من أولويات عملنا وهي بحاجة إلى جهود كل إنسان مبدع أيا كان (الرجل أو المرأة) بمقدوره إن يدفع بعجلة الازدهار النضالي إلى الأمام للوصول بها إلى الذين نالوا حقوقهم بفعل إيمانهم الكبير بروح شعوبهم المخلصة وفخرهم بحرية المرأة .