فمع إسدال الستار على سنة من المنافسات والبطولات الرياضية لا يسعنا إلا التوقف لبرهة وإستعادة ذاكرة الإخفاقات والشوائب وإفلاس الأخلاق الرياضية التي كانت عنواناً بارزاً وعلامة فارقة في عام 2007.
وكما للشهرة ضريبة كذلك للعولمة الرياضية ضريبة باهظة الثمن، فبصراحة إن ما يعرف بأنشودة الرياضة النظيفة أو المثالية هو تفكير سخيف في عالمنا الحالي، عالم "الصناعة الثقيلة للرياضة"، فالثقافة السائدة بغض النظر عن موافقتنا أو رفضنا لها هي واحدة وشاملة لا بديل لها وتقول بحصد الألقاب والميداليات والمال وتسليط الأضواء، فالغاية تبرر الوسيلة.
إستخدام شتى الوسائل للوصول إلى الهدف حتى لو كانت هذه الوسائل بعيدة كل البعد عن الأخلاق وروحية ميثاق الشرف الرياضي أو فكر بيار دو كوبرتان مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة.
(فورمولا وان)
وعلى قاعدة الغاية تبرر الوسيلة كانت البداية من عالم الفورمولا وان مع فريق ماكلارين مرسيدس الإنكليزي حيث أباح لنفسه التجسس على غريمه ومنافسه التقليدي فريق فراري الإيطالي وسرقة معلومات تكنولوجية قيمة أدت في نهاية المطاف إلى إحداث عاصفة هوجاء هزت الـ"فيا" وكل محبي رياضة الفئة الأولى، وإنتهت بتجريد ماكلارين مرسيدس من نقاطها مما قلب نتائج بطولة الصانعين رأساً على عقب وجعل فيراري يقبض على اللقب.
ولم تتوقف فضائح الفورمولا وان عند هذا الحد بل توغلت لتصبح أكثر خصوصية وتحديداً داخل فريق ماكلارين نفسه حيث شب صراع هائل بين بطل العالم السابق الإسباني فيرناندو ألونسو وزميله البريطاني لويس هاميلتون تمحور على لقب السائق الأول للفريق وترجم هذا الصراع على الحلبات حين حاول أحدهم عرقلة زميله الآخر وكانت سابقة في تاريخ رياضة الفئة الأولى وبين سائقي الفريق نفسه.
(كرة السلة)
وإذا كان هذا ما حدث في أروقة رياضة الفئة الأولى أم الرياضات الميكانيكية في العام 2007 فإن قبلة كرة السلة العالمية ونعني بذلك دوري الرابطة الوطنية الأميركية للسلة أقوى دوري في العالم على الإطلاق ومحط أنظار كل عشاق الكرة الحمراء قد تعرض بدوره لنكسة حين إمتدت إليه يد الفسق لتضرب في صميمه حيث ضجت الملاعب بفضيحة التلاعب بالمباريات التي كان نجمها الحكم تيم دوناغي الذي اعترف بمحاولته التأثير على مجريات مباريات كان قد تولى قيادتها، وذلك تحت تأثير عامل المال ونفوذ أصحاب مكاتب المراهنات.
وجاء انتقال لاعب فريق مينسوتا تيمبرفولز كيفين غارنيت إلى بوسطن سيلتيك ليبلسم بعض الشيء جراح الدوري الأميركي للمحترفين إذ تعتبر هذه الصفقة من أهم الصفقات التي جرت في السنوات الماضية.
(دراجات هوائية)
من أميركا نعبر المحيط الأطلسي لنحط في فرنسا حيث شهد طواف فرنسا للدراجات الهوائية الأشهر والأرقى في هذه الرياضة فضائح دامية تمحورت حول تعاطي المنشطات والمواد المحظورة وانسحاب الكثير من الفرق والرعاة لدرجة أن مستقبل رياضة الدراجات الهوائية أصبح على المحك.
فمن راسموسن إلى يان أورليش إلى إريك تزابيل إلى إعلان شركة تي موبيل إنسحابها من عالم الدراجات الهوائية وتوقفها عن كونها الداعم والراعي الأساسي للفريق الألماني الذي يحمل اسمها تكون هذه الرياضة قد دخلت العناية الفائقة, ويعتبر بعض المراقبين لهذه الرياضة أن العام 2007 كان الأسوأ في تاريخ هذه الرياضة وهو سيترك آثاراً وعوارض جانبية لن تزول في القريب العاجل، وقد يتطلب الأمر أعجوبة في العام 2008 للخروج من هذا الكابوس ولكي تستعيد هذه الرياضة بريقها.
(ألعاب القوى)
صفعة أخرى تلقتها الرياضة في عام 2007 أثبتت بلا ريب ولاشك أن الإفلاس الأخلاقي وصل ذروته وذلك بعد قرار تجريد بطلة ألعاب القوى العداءة الأميركية ماريون جونز من جميع ميداليتها في أولمبياد سيدني (2000) وأثينا (2004) بعد إعترافها بتعاطي المنشطات، والكل يعلم ما تمثله ماريون جونز وترمز إليه في رياضة أم الألعاب، فالكل شعر بالخيبة وبأن جونز كانت أشبه بالعملاق المصنوع من ورق.
(كرة المضرب)
لم يشبع وحش الفساد وإلإنحدار الأخلاقي من رياضة أو بطل أو بطلة بل تابع زحفه إلى مكان لم يكن بالحسبان ما كان أحد ليتخيله، لقد ضرب في قلب أعرق الرياضات، رياضة كرة المضرب فكانت فضيحة التلاعب في نتائج المباريات التي تفجرت في الصيف الماضي إثر الهزيمة المشتبه فيها للنجم الروسي نيكولاي دافيدينكو المصنف الرابع على العالم أمام الأرجنتيني مارتن فاسالو أرغويلو في بولندا، ومازالت التحقيقات جارية في هذه القضية.
كما أنزلت الرابطة العالمية للاعبي التنس المحترفين عقوبتي الإيقاف والغرامة المالية الموقعتين على الثنائي الإيطالي بوتيتو ستاراتشي ودانييلي براتشيالي بعد إدانتهما بالمراهنة على مباريات.
(كرة القدم)
وفي عالم الساحرة المستديرة، وعن الفساد الذي ضرب فيها فحدث ولا حرج، حيث لم ينفع تقدم مهاجم منتخب البرازيل ونادي برشلونة الإسباني السابق روماريو في العمر أو مشارفته الاعتزال النهائي لرياضة كرة القدم، من سقوطه في فخ تناول المنشطات ذلك أنه أراد دفع لياقته البدنية نحو حدها الأقصى لتخطي رقم الـ1000 هدف طمعاً بالشهرة ودخول التاريخ.
فكان القضاء البرازيلي له بالمرصاد وصدر حكم إيقافه لمدة120 يوم، رغم نفي البرازيلي مراراً وتكراراً تناوله المنشطات.