جبهة الخلاص الوطني تحذر "القوى الشعبية العربية" المتحالفة مع النظام وتؤكد أن مشروع التغيير قد انطلق
أكدت جبهة الخلاص الوطني في سورية أنها وضعت خطة "للتحرك على مستوى الداخل، لتفعيل دور الشعب وكسر حاجز الخوف"، مشيرة إلى أن "مشروع التغيير في سورية قد انطلق، ولن يتوقف حتى يحقق الشعب السوري أهدافه في الديمقراطية والحرية". من جهة أخرى، حذرت الجبهة "القوى الشعبية العربية المتحالفة مع النظام السوري من الوقوع في فخ التوظيف ضد مصالح الشعب السوري وشعوب المنطقة ومحاولات إضعافها".
وكانت الأمانة العامة للجبهة قد عقدت اجتماعها الدوري يومي السبت والأحد (2 و3 شباط/ فبراير 2008)، "وناقشت الوضع في سورية والمنطقة العربية، ودرست المقترحات وأوراق العمل المقدمة لتطوير البنية الداخلية وتفعيل عملها على مستوى الداخل، ووقفت عند المعوقات في المرحلة السابقة ووضعت خطة عملية شاملة للمرحلة القادمة" حسب ما جاء في بيان صدر في ختام اجتماعات الأمانة.
وقالت الأمانة العامة في بيانها إن النظام السوري يستمر "في سياسة الانفراد بالسلطة، واستئصال قوى المجتمع المدني التي تقف اليوم بقوة في وجه عنَته وطغيانه، معبرة عن ضمير الشعب السوري، الذي لم يعد يرى في قوات النظام وأجهزة أمنه حامياً للبلاد من العدوان الإسرائيلي وغيره، وهي الصامتة إلا عن اعتقال الأفاضل من أبناء شعبنا وزجهم في السجون".
وأضافت: "في مطلع العام 2008؛ يخفي نظام بشار الأسد قلقه وتخبّطه بتصعيد قمعه في ظل حالة الطوارئ المفروضة على الوطن منذ 45 عاماً، وهذا هو التفعيل العملي لسيرورة اقتراب النهاية للمستبدين والطغاة. فلقد واصل النظام إطلاق أحكام الإعدام على معارضيه السياسيين بموجب القانون 49، وتضييقه على العمل السياسي السلمي العلني، وتشديد قبضته الأمنية، ومحاولة ترويع المواطنين باعتقال الناشطين والمثقفين من العرب والكرد وعموم السوريين عشوائياً وبلا أسباب".
ورأت الجبهة أن "نظام العائلة المتسلط (أصبح) مهووساً بمحاصرة الشعب السوري، لاحتواء حالة الرفض الشاملة، التي يعبر عنها المواطنون. فكانت اعتقالاته في صفوف "إعلان دمشق" والإسلاميين والأكراد، وكذلك اعتقالاته التي أوغلت في المجتمع حتى تجاوزت أعداد المعتقلين في السنوات القليلة الماضية الآلاف، واستمرت السياسة العنصرية ضد الأشقاء الكرد، وبات الشعب كله تحت الحصار السياسي الأمني، بينما يلقي النظام بعجزه عن حماية البلاد على المواطنين، فيرميهم بدائه وينسلّ، ويوزع عليهم بالتساوي تهماً جائرة جاهزة، أصبحت كالزي الموحّد للمعتقلين الأحرار من شتى الفئات الاجتماعية والسياسية".
وقال البيان: "في خضم هذه الحملة المستميتة للاحتفاظ بالسلطة، يحاصر نظام العائلة شعبَنا بسياسة اقتصادية كارثية، أدت إلى تدهور غير مسبوق للحالة المعيشية، وإلى غلاء الأسعار، حتى عزّت على الناس المواد الأساسية كالخبز والوقود، وما زالت رقعة الفقر التي تشمل ثلث الشعب السوري في اتساع". وأضاف: "إن سياسة النظام الاقتصادية الفاشلة المترافقة مع تفاقم الفساد والنهب المنظم للثروة الوطنية والتلاعب بالقطاع العام وخصخصته الكاذبة، هي المسؤولة عن تدهور الحالة المعيشية. إن رفع الدعم عن المواد الأساسية التي تخص غالبية المواطنين هي سياسة تجويع متعمدة، لإشغال السوريين بالبحث عن لقمة عيشهم، من خلال التلاعب بجملة المواد الأساسية الضرورية اليومية لحياتهم من غذاء ووقود، واحتكارها من مافيا النظام الاقتصادية، في تكرار مشهد الثمانينات المذل الذي يتذكره الشعب السوري، ويتذكر الطوابير على رغيف الخبز ولتر الوقود وبقية المواد الغذائية".
وعلى الصعيد الخارجي، أشارت الأمانة العامة إلى أن ما أسمته "نظام العائلة في دمشق" ما برح "يتوسل الاتصالات السرية والعلنية مع الخارج ويساوم على السيادة والمصالح. وبدلاً من الدفاع عن سيادة البلاد وكرامتها، يعمد إلى زعزعة استقرار الجوار العربي وانتهاك سيادته، وإلى نسف التضامن العربي لإثبات وجوده على الساحة الإقليمية، متمترساً بالعنف والتطرف وفتح أبواب سورية مشرعة للمد الإيراني الذي يهدد الوحدة الوطنية".
وتابعت: "إن النظام، سارع بعد الإجماع العربي على مبادرة السلام؛ إلى انتهاك هذا الإجماع، بتوسلاته المنفردة للإسرائيليين عبر مبعوثه إلى الكنيست وعبر الوسطاء والقنوات السرية، فهو يرى نجاتَه من العواصف الداخلية والخارجية في الطريق إلى تل أبيب".
واتهمت الجبهة النظام السوري بالاستمرار "في خلق حالة من الشلل وتعطيل المؤسسات والفراغ الدستوري في لبنان الشقيق، من خلال مناورات الحلفاء، ومن خلال التخريب الممنهج، باغتيال رموز قوى 14 آذار، والمؤسسة العسكرية الوطنية، التي لم يعد دوره فيها خافياً على أحد. فلبنان المستباح يعبث به النظام لتحقيق مصالحه الضيقة فوق بحر من دماء اللبنانيين وأشلائهم".
ورأت الجبهة أن "الأزمات التي يفتعلها النظام على الصعيد العربي، وأسلوب العداء والتعالي والإهانات التي لا يبرح يوجهها إلى الأشقاء العرب؛ لا تتفق ودورَ سورية ومكانتها العربية، ولا يمكن إدراجها إلا في إطار الغيّ والعزة بالإثم. ولذا تحذر الجبهة القوى الشعبية العربية المتحالفة مع النظام السوري من الوقوع في فخ التوظيف ضد مصالح الشعب السوري وشعوب المنطقة ومحاولات إضعافها. فالنظام السوري قبل أن يكون جزءاً من مشروع إقليمي، القيادة فيه لإيران، والمال منها، والتنفيذ لسورية وحزب الله والمنظمات الإرهابية في لبنان والعراق. وتدعو الجبهة هذه القوى إلى عدم الوقوف في وجه عملية التغيير الوطني التي يقوم بها الشعب السوري، لاسترجاع بلاده إلى حاضنها العربي ومواجهة المشروع الإيراني بأبعاده القومية والمذهبية، الذي تجلى بأعتى صوره في مؤتمر الفصائل الفلسطينية الأخير في دمشق".
وجددت الجبهة التأكيد على أن "التغيير الديمقراطي في سورية هو الحل الذي أصبح ضرورة وطنية، للحفاظ على وحدة الشعب ومصالح البلاد العليا، وهو صمام أمان سياسي واجتماعي ووطني". وقالت "إن البديل الوطني السوري لنظام القمع والفساد قد تبلورت معالمه، وإن جبهة الخلاص الوطني لتجدد تأكيدها على ما جاء في مشروعها الوطني للتغيير، من أن التغيير في سورية سيعيدها إلى شكلها البرلماني ودورها الطبيعي، بما هي دولة ديمقراطية تعددية يتساوى فيها المواطنون جميعاً في الحقوق والواجبات، وتكون السلطة فيها تداولية يقررها صندوق الانتخاب الحر النزيه وضمن سيادة القانون وفصل السلطات واحترام حقوق الإنسان، فيعود النظام الديمقراطي الوطني القادر على احترام إرادة الشعب، والمؤسسي القادر على حماية السيادة واستعادة الجولان المحتل، وصيانة المصالح والأمن الوطني والقومي، وعلى حماية سورية من الأخطار الخارجية".
وأوضحت الأمانة العامة لجبهة الخلاص الوطني في سورية أن "التغيير الديمقراطي في سورية سيرفع العزلة عن الشعب والبلاد، ويعيدها إلى محيطها العربي ودورها الفاعل فيه على أساس الاحترام والانسجام مع الموقف العربي المتضامن، وإلى المجتمع الدولي كدولة ديمقراطية تعمل على تعزيز توازن العلاقات الدولية، وبخطاب سياسي مستقل متوازن قائم على تبادل المصالح ومنفتح على العصر وآفاقه".
وأكدت جبهة الخلاص الوطني في سورية أنها "اعتمدت التغيير الديمقراطي طريقاً وحيداً لإنقاذ البلاد من نظام يدفعها إلى الهاوية دفعاً، في سبيل الحفاظ على مصالح عائلية ضيقة. وفي سبيل ذلك فقد وضعت الجبهة خطة للتحرك على مستوى الداخل، لتفعيل دور الشعب وكسر حاجز الخوف وصيانة حقوقه الأساسية والحفاظ على كرامته الإنسانية".
وشددت الجبهة على أن "وحدة قوى المعارضة وتلاحمها في الأطر الوطنية الحية هي ضرورة يفرضها سياق العمل الوطني الناشط. وأن الركون إلى السكون واللامبالاة هو النافذة التي يستمد منها الاستبداد أنفاسه الأخيرة".
وقالت الجبهة من جهة أخرى "إن الإدانة اللفظية لا تكفي للإحاطة بجريمة بحجم جرائم الاغتيال على أرض لبنان، أو جرائم القمع والاعتقال لقادة إعلان دمشق أو لعشرات الألوف من المفقودين وآلاف المعتقلين من سوريين ولبنانيين وأردنيين". وأشارت إلى أنه "عرباً وكرداً، مسلمين ومسيحيين، سوريين ولبنانيين وأردنيين؛ علينا أن نرفع الصوت في وجه نظام الاستبداد والفساد، ونظام القتل والقمع. وعلى الأشقاء العرب أن يراعوا في الشعب السوري حق الأخوة والرحم والجوار. وعلى العالم الحر أن يكون وفياً لمبادئه في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن يتحمل مسؤولياته أمام ما يجري في سورية".
وختمت الجبهة بيانها بالتأكيد على أن "مشروع التغيير في سورية قد انطلق، ولن يتوقف حتى يحقق الشعب السوري أهدافه في الديمقراطية والحرية، ولن تنفع النظام سياسات القمع والعزل والإقصاء، ولا مساومات اللحظة الأخيرة على حساب المصلحة الوطنية".