بلجيكا بدون حكومة حتى إشعار آخر وتوتر بين الفرانكفونيين والفلامانيين
طرحت مسألة تصويت البرلمان البلجيكي أمس (في غياب نواب المناطق الناطقة بالفرنسية) على مشروع قرار يقضي باعتبار مدينة بروكسل (غالبية سكانية ناطقة بالفرنسية) ومحيطها الناطق بالفلامانية (مناطق ناطقة بالهولندية) دائرتين انتخابيتين منفصلتين، بعد أن كانت لسنوات دائرة انتخابية واحدة، تساؤلات مختلفة حول مستقبل البلاد، وإمكانية استمرار المفاوضات الجارية حالياً بشأن تشكيل حكومة جديدة
وأكدت إذاعة ( أر تي بي إف) المحلية أن الأمور تبقى معلقة بانتظار أن يقدم المنسق المكلف إدارة مفاوضات تشكيل الحكومة إيف لوترم تقريره للملك ألبير الثاني في وقت لاحق اليوم، هذا في وقت يقوم فيه البرلمان الفرانكفوني (برلمان إقليمي للمناطق الناطقة بالفرنسية جنوب بلجيكا) بتحضير مذكرة حول تضارب المصالح، سيطرحها للتصويت غداً، وهذا ما يهدد بفتح باب نقاش من نوع آخر قد يستمر أكثر من شهر
ومن جهة أخرى، ودائماً حسب الإذاعة نفسها، تطالب الأحزاب الفرانكفونية (الحزب الاشتراكي، والنادي الديمقراطي الإنساني) بتعليق المفاوضات الجارية منذ 10 حزيران/ يونيو بشأن تشكيل الحكومة القادمة
وفي هذا الصدد، بدا زعيم الحزب الاشتراكي إليو دي ريبو، في غاية الانفعال، عندما وصف في تصريحات له اليوم لوسائل الإعلام المحلية بـ "غير المقبول" تصرف النواب الفلامانيين، "نحن نعيش في بلدنا ونتكلم لغتنا، ما قاموا به هو تصرف استفزازي يستند إلى أن الفلامانيين هم الأغلبية العظمى في البلاد في ناحية العدد"، "إن ما قاموا به لا يعبر عن رأي المواطنين بالتأكيد"
وإتهم زعيم الحزب الاشتراكي، الذي لا يشارك في مفاوضات تشكيل الحكومة لخسارته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تيار اليمين المتطرف ( الانفصالي) بالتأثير على النواب في البرلمان البلجيكي، " نحن فقدنا الثقة الآن، لأن اليمين المتطرف قد فرض قانون الأقوى"، مطالباً ليس فقط بتعليق مفاوضات تشكيل الحكومة، بل بإيقافها نهائيا.
وعلى صعيد آخر أظهر استطلاع للرأي أن 43 % من البلجيكيين يرون أن فصل مدينة بروكسل العاصمة عن محيطها الفلاماني ( منطقتي هال و فيلفورد) انتخابيا يشكل بداية لتفكيك المملكة البلجيكية، بينما رأى 47 % عكس ذلك.
وقد أجرى الاستطلاع صحيفة لوسوار البلجيكية بالاشتراك مع مؤسسة الإذاعة والتلفزيون البلجيكي الوطني، و شمل 571 مواطن مقيم في المناطق الجنوبية ( الناطقة بالفرنسية) و181 مواطن من مدينة بروكسل، ويحمل هامش خطأ قدره 3,5 %، " أكد 61 % من الأشخاص المستطلعة آراؤهم أن ما حصل أمس لا يعبر بالحقيقة عن رأى المواطنين الفلامانيين في بلجيكا"، حسب بيانات الإستطلاع.
ورداً على سؤال حول إمكانية استمرار مفاوضات تشكيل الحكومة، أكد 37 % ممن شاركوا في الاستطلاع أن هذه المفاوضات يمكن أن تستمر بالرغم من كل شيئ، بينما رأى 53 % أن ما حصل أمس يستدعي إجراء استفتاء عام حول مستقبل البلاد.
ويذكر أن التصويت أمس يحرم ما يزيد عن 120000 مواطن ناطق بالفرنسية يقيم في منطقتي هال وفيلفورد، المجاورتين لبروكسل، من التصويت لمرشحيهم، كما يحرمهم من بعض الحقوق الدستورية الناتجة عن ذلك.
هذا و لا يعتبر تصويت الأمس نهائياً، إذ يجب أن يعرض مشروع القانون هذا، الذي كانت تقدمت به لجنة الشؤون الداخلية، على النقاش في جلسة علنية في البرلمان البلجيكي، وهو أمر سيدخل البلاد في دوامة أخرى من النقاشات قد تستمر أشهراً، ما يعني أن تبقى بلجيكا محكومة من قبل حكومة تصريف أعمال حتى إشعار آخر.