ميّافارقين: أشهر مدينة بديار بكر، قالوا: سميت بميّابِنْتٍ لأنها أول من بناها، وفارقين هو الخلاف بالفارسية يقال له بارجين، لأنها كانت أحسنت خندقها فسميت بذلك،وقيل: ما بُني منها بالحجارة فهو بناء أنوشروان بن قباذ وما بُني بالآجرّ فهو بناء أبرويز، قال بطليموس: مدينة ميّافارقين طولها أربع وسبعون درجة وأربعون دقيقة، وعرضها سبع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، داخلة في الإقليم الخامس، طالعها الجبَهة، بيت حياتها ثلاث درج من العقرب، لها شركة في السماك الشامي وحرب في قلب الأسد تحت أربع عشرة درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، رابعها مثلها من الميزان، وقال صاحب الزيج: طول ميافارقين سبع وخمسون درجة ونصف وربع، وعرضها ثمان وثلاثون درجة، والذي يُعتمد عليه أنها من أبنية الروم لأنها في بلادهم، وقد ذكر في ابتداء عمارتها أنه كان في موضع بعضها اليوم قرية عظيمة وكان بها بيعة من عهد المسيح وبقي منها حائط إلى وقتنا هذا، قالوا: وكان رئيس هذه الولاية رجلاً يقال له ليوطا فتزوج بنت رئيس الجبل الذي هناك يسكنه في زماننا الأكراد الشامية وكانت تسمّى مريم فولدت له ثلاثة بنين كان اثنان منهم في خدمة الملك ثيودسيوس اليوناني الذي دار ملكه برومية الكُبرَى وبقي الأصغر وهو مَرُّوثا فاشتغل بالعلوم حتى فاق أهل عصره فلما مات أبوه جلس في مكانه في رياسة هذه البلاد وأطاعه أهلها، وكان ملك الروم مقيماً بدار ملكه برومية وكان تحت حكمه إلى آخر بلاد ديار بكر والجزيرة، وكان ملك الفرس حينئذ سابور ذو الأكتاف، وكان بينه وبين ملك الروم ثيودسيوس منازعة وحروب مشهورة، وكان ثيودسيوس قد تزوّج امرأة يقال لها هيلانة من أهل الرُّها فأوْلدَها قسطنطين الذي بَنى مدينة قسطنطينية ثم مات ثيودسيوس فملّكوا هيلانة إلى أن كبر ابنها قسطنطين فاستولى على الملك برومية الكُبرَى ثم اختار موضع قسطنطينية فعمّرها هناك وصارت دار ملك الروم، وبقي مَرّوثا بن ليوطا المقدم ذكره مقيماً بديار بكر مطاعاً في أهلها وكان له همة في عمارة الأديرة والكنائس فبنى منها شيئاً كثيراً فأكثر ما يوجد من ذلك قديم البناء فهو من إنشائه، وكان رَبّ ماشية، وكان الفرس مجاوريه فكانوا يُغيرون عليه ويأخذون مواشيه فعمد إلى أرض ميافارقين فقطع جميع ما كان حولها من الشوك والشجر وجعله سياجاً على غنمه من اللصوص الذين يسرقون أمواله، فيقال إنه كان لملك الفرس بنتٌ لها منه منزلة عظيمة فمرضتْ مرضاً أشرفت منه على الهلاك وعجز عن إصلاحها أطباء الفرس فأشار عليه بعض أصحابه باستدعاء مرّوثا لمعالجتها، فأرسل إلى قسطنطين ملك الروم يسأله ذلك، فأنفذه إليه ووصل إلى المدائن وعالج المرأة فوجدت العافية، فسُرّ سابور بذلك وقال لمرّوثا: سلْ حاجتك، فسأله الصلح والهُدْنة، فأجاب إليه وكتب بينه وبين قسطنطين عهداً بالهدنة مدّة حياتهما، فلما أراد مرّوثا الرجوع عاود سابور في ذكر حاجة أُخرى فقال: إنك قتلت خلقاً كثيراً من النصارى وأُحب أن تعطيني جميع ما عندك في بلادك من عظام الرهبان والنصارى الذين قتلهم أصحابك، فرتب معه الملك من سار في بلاده ليستخرج له ما أحبّ من ذلك بعد البحث حتى جمع منه شيئاً كثيراً فأخذه معه إلى بلده ودفنها في الموضع الذي اختاره من دياره ومضى إلى قسطنطين وعرّفه ما صنع بالهدنة، فسُرّ به وقال له: سلْ حاجتك، فقال: أُحب أن يساعدني الملك في بناء موضع في ذلك الدّوار الذي جعلتُه لغنمي ويعاونني بجاهه وماله، فكتب إلى كل ما يجاوره بمساعدته بالمال والنفس ورجع مرّوثا إلى دياره فساعده من حوله حتى أدار عوضاً من الشوك حائطاً كالسور وعمل فيه طاقات كثيرة سدّها بالشوك ثم سأل الملك أن يأذن له أن يبني في جانب حائطه حصناً يأمن به غائلة العدوّ الذي يطرق بلاده، فأذن له في ذلك، فبنى البرج المعروف ببرج الملك وبنى البيعة على رأس التلّ وكتب اسم الملك على أبنيته، ووَشى به قوم إلى الملك قسطنطين وزعموا أنه فعل ما فعل للعصيان، فسيّر الملك رجلاً وقال له: انظر فإن كان بناؤه بيعة وكتب اسمي على ما بناه فدَعْهُ بحاله وإلاّ فانقض جميع ما بناه وعُدْ، فلما رأى اسم الملك على السور رجع وأخبر قسطنطين بذلك فأقره على بنائه وأعجبه ما صنع من كتابة اسم الملك على ما جدّده وأنفذ إلى جميع من في تلك الديار من عُماله بمساعدة مرّوثا على بناء مدينة بحيث بَنى حائطه وأطلق يده في الأموال فعمرها وجعل في كل طاقة من تلك الطيقان التي ذكرنا أنه سدّها بالشوك عظام رجل من شهداء النصارى الذين قدم بهم من عند سابور فسميت المدينة مدور صالا، ومعناه بالعربية مدينة الشهداء، فعرّبت على تطاول الأيام حتى صارت مَيّافارقين، هكذا ذكروه وإن كان بين اللفظتَين تبايُنٌ وتباعدُ، وحصّنها مروثا وأحكمها، فيقال إنها إلى وقتنا هذا وهو سنة 620 لم تؤخذ عنوة قط، وآمد بالقرب منها وهي أحصن منها وأحسن قد أُخذت بالسيف مراراً، قالوا: وأمر الملك قسطنطين وزراءه الثلاثة فبنى كل واحد منهم برجاً من أبرجتها فبنى أحدهم برج الرومية والبيعة بالعقبة، وبنى الآخر برج الراوية المعروف الآن ببرج علي بن وهب وبيعة كانت تحت التلّ وهي الآن خراب وأثرها باقٍ مقابل حَمّام النجارين، وبنى الثالث برج باب الربض والبيعة المدورة وكتب على أبراجها اسم الملك وأُمه هيلانة وجعل لها ثمانية أبواب، منها: باب أرْزَن ويعرف بباب الخنازير ثم تسير شرقاً إلى باب قلونج وهو بين برج الطبّالين وبين برج المرآة ومكتوب عليه اسم الملك وأُمه، وإنما سمي برج المرآة لأنه كان عليه بين البرجين مرآة عظيمة يشرق نورها إذا طلعت الشمس على ما حولها من الجبال وأثرها باقٍ إلى الآن وبعض الضباب الحديد باق إلى الآن، ثم عمل بعد ذلك باب الشهوة وهو من برج الملك ثم تسير من جانب الشمال إلى أن تصل إلى البرج الذي فيه الموسومِ بشاهد الحمّى، وهناك باب آخر وهو من الربضَ إلى المدينة ومقابل أرزن القبلي نصباً، ثم تسير إلى الجانب الشمالي وكان هناك باب الربض بين البرجين، ثم تنزل في الغرب إلى القبلة وهناك باب يسمى باب الفرَح والغَم لصورتين هناك منقوشتين على الحجارة، فصورة الفرح رجل يلعب بيدَيه وصورة الغمّ رجل قائم على رأسه صخرة جماد، فلذلك لا يبيت أحد في ميافارقين مغموماً إلا النادر، والآن يسمى هذا الباب باب القصر العتيق الذي بناه بنو حمدان، ثم تسير إلى نحو القبلة إلى أسفل العقبة وهناك باب عند مخرج الماء، وفي جانب القبلي في السور الكبير باب فتحه سيف الدولة من القصر العتيق وسماه باب الميَدان وكان يخرج في الفصيل إلى باب الفرح والغم وليس مقابله في الفصيل باب، وفي برج علي بن وهب في الركن الغربي القبلي في أعلاه صليب منقور كبير يقال إنه مقابل البيت المقدس وعلى بيعة قمامة في البيت المقدس صليب مثل هذا مقابله، ويقال إن صانعهما واحد،وقيل إنه كان مدة عمارتها حتى كملت ثماني عشرة سنة، فإن صح هذا فهو إحدى العجائب لأن مثل تلك العمارة لا يمكن استتمام مثلها إلا في أضعاف هذه السنين، وقيل إنه ابتدىء بعمارتها بعد المسيح بثلثمائة سنة وكان ذلك لستمائة وثلاث وعشرين سنة من تاريخ الإسكندر اليوناني، وقيل إن أول عمارتها في أيام بطرس الملك في أيام يعقوب النبي، عليه السلام، وقيل إن مرّوثا بنى في المدينة ديراً عظيماً على اسم بطرس وبولس اللذين هما في البيعة الكبرى وهو باقٍ إلى زماننا هذا في المحلة المعروفة بزقاق اليهود قرب كنيسة اليهود وفيها جُرْنٌ من رخام أسود فيه منطقة زجاج فيها من دم يوشع بن نون وهو شفاء من كل داء وإذا طلي به على البرص أزاله، يقال إن مروثا جاء به معه من رومية الكبرى عند عوده من عند الملك؛ وما زالت ميافارقين بأيدي الروم إلى أيام قباذ بن فيروز ملك الفرس فإنه غزا ديار بكر وربيعة وافتتحها وسبى أهلها ونقلهم إلى بلاده وبنى لهم مدينة بين فارس والأهواز فأسكنهم فيها وجعل اسمها أبَرْقباذ، وقيل هي أرّجان ويقال لها الاستان الأعلى أيضاً، ثم ملك بعده ابنه أنوشروان بن قباذ ثم هُرْمُز بن أنوشروان ثم أبرويز بن هرمز وكان أبرويز مشتغلاً بلذاته غافلاً عن مملكته فخرج هرقل ملك الروم صاحب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فافتتح هذه البلاد وأعادها إلى مملكة الروم وملكها بأسرها ثماني سنين آخرها سنة ثماني عشرة للهجرة، وبعد أن فتحت الشام وجاء طاعون عَمَواس ومات أبو عبيدة بن الجرّاح أنفذ عمر، رضي الله عنه، عياض بن غنم بجيشٍ كثيف إلى أرض الجزيرة فجعل يفتحها موضعاً موضعاً، ووجدت بعض من يتعاطى علم السير قد ذكر في كتاب صنفه أن خالد بن الوليد والأشتر النخعي سارا إلى ميافارقين في جيش كثيف فنازلاها فيقال إنها فتحت عنوة، وقيل صلحاً على خمسين ألف دينار على كل محتلم أربعة دنانير، وقيل دينارين وقفيز حنطة ومدّ زيت ومدّ خل ومدّ عسل وأن يضاف كل من اجتاز بها من المسلمين ثلاثة أيام، وجعل للمسلمين بها محلة وقرر أخذ العشر من أموالهم، وكان ذلك بعد أخذ آمد، قال: وكان المسلمون لما نزلوا عليها نزلوا بمرج هناك على عين ماء فنصبوا رماحهم هناك بالمرج فسمي ذلك الموضع عين البيضة إلى الآن؛ وإياها عنى المتنبي في قوله يصف جيشاً:
ولما عرضْتَ الجيش كان بهاؤه
على الفارس المُرْخى الذؤابة منهمُ
حوالَيه بحرٌ للتجافيف مائجٌ،
يَسير به طَوْدٌ من الخيل أيهمُ
تساوَتْ به الأقطار حتى كأنه
يجمّع أشتاتَ الجبال وينظمُ
وأدّبَها طولُ القتال وطرفُه
يُشير إليها من بعيد فتفهمُ
تُجاوبه فعلاً وما تسمع الوَحَى،
ويُسْمعها لحظاً وما يتكلّمُ
تَجانفُ على ذات اليمين كأنها
تَرِقّ لمَيّافارقين وتَرْحَمُ
ولو زَحَمتها بالمَناكب زحمةً
دَرَتْ أيّ سُورَيها الضعيفُ المهد
رَمٌّ: بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وجمعه رُموم، وتفسير الرُّموم محالّ الأكراد ومنازلهم بلغة فارس: وهي مواضع بفارس، منها: رَمّ الحسن بن جِيلَوَيْه يسمّى رَمّ البازنجان، وهو من شيراز على أربعة عشر فرسخاً. ورمّ أردام بن جوانا به: من شيراز على ستة وعشرين فرسخاً. ورمّ القاسم بن شهريار ويسمى الكوريان: من شيراز على خمسين فرسخاً. ورَمّ الحسن بن صالح ويسمّى رمّ السوران: من شيراز على سبعة فراسخ، قال ذلك ابن الفقيه، ولعلّ هذه الإضافة قد زالت بزوال من أُضيف إليه، وقال البشاري: بفارس رمّ الأكراد ولها رستاق ونهر وهي وسط الجبال ذات بساتين ونخيل وفواكه وخيرات، قال: ورمّ أحمد بن صالح ويسمّى الزِّيزَان، وقال الإسطخري: رُموم فارس خمسة، ولكلّ واحد منها مُدُنٌ وقرى مجتمعة قد تضَمّن خراجَ كلّ ناحية رئيس من الأكراد وألزموا إقامة رجال لبَذْرَقة القوافل وحفظ الطريق ولنوائب السلطان إذا عرضت، وهي كالممالك: الأوّل رَمّ جيلَوَيْه يعرف برَمّ الزنيجان اسم قبيلة من الأكراد فإن مكانه في الناحية التي تلي أصبهان وهي تأخذ طرفاً من كورة إصطخر وطرفاً من كورة أرّجان فحدّ ينتهي إلى البيضاء وحدّ ينتهي إلى حدود أصبهان وحدّ ينتهي إلى حدود خوزستان وحدّ ينتهي إلى ناحية سابور، وكلّ ما وقع في هذه من المدُن والقرى فمن هذا الرمّ ويتاخمهم في عمل أصبهان، الثاني رَمّ شهريار وهو رَمّ البازنجان وهو رمّ جيل من الأكراد وهم من البازنجان رهط شهريار وليس من البازنجان هؤلاء أحد في عمل فارس إلاّ أن لهم بها ضياعاً وقرى كثيرة، الثالث رَمّ الزيزان للحسن بن صالح وهو في كورة سابور فحدّ منه ينتهي إلى أردشير خُرّه وتليه حدود تطيف بها كورة سابور، وكلّ ما كان من المدن والقرى في أضعافها فهي منها، الرابع رَمّ الريحان لأحمد بن الليث وهي في كورة أردشير خُرّه فحد منه يلي البحر ويحيط بثلاثة حدودة الأخر كورة أردشير خُرّه، وما وقع في أضعافه من المدن والقرى فهي منه، الخامس رَمّ الكاريان فحدّ منه ينتهي إلى سيف بني الصفار وحدّ منه ينتهي إلى رمّ الريحان وحدّ يتصل بحدود كرمان ومنه إلى أردشير خُرّه وهي كلّها في أردشير خُرّه.
زُومٌ: بضم أوّله، وسكون ثانيه: من نواحي أرمينية مما يلي الموصل، ولعل الجُبن الزومي إليه ينسب؛ قال نصر: و زُوم أيضاً موضع حجازيّ؛ قلت إن صحّ فهو علم مرتجل، وقيل: الجبن الزوماني، وقيل: الزومي ينسب إلى زُومانَ، وهم طائفة من الأكراد لهم ولاية.
فَنَك: قلعة حصينة منيعة للأكراد البَشْنَوية قرب جزيزة ابن عمر بينهما نحو من فرسخين ولا يقدر صاحب الجزيرة ولا غيره مع مخالطتهم للبلاد عليها وهي بيد هؤلاء الأكراد منذ سنين كثيرة نحو الثلثمائة سنة وفيهم مُرُوّة وعصبية ويحمون من يلتجىء إليهم ويحسنون إليه.
قُوهِستان: بضم أوله ثم السكون ثم كسر الهاء، وسين مهملة، وتاء مثناة من فوق، وآخره نون، وهو تعريب كوهستان، ومعناه موضع الجبال لأن كوه هو الجبل بالفارسية وربما خفف مع النسبة فقيل القُهِستاني وأكثر بلاد العجم لا يخلو عن موضع يقال له قوهستان لما ذكرنا، وأما المشهورة بهذا الاسم فأحد أطرافها متصل بنواحي هراة ثم يمتد في الجبال طولاً حتى يتصل بقرب نهاوند وهمذان وبروجرد، هذه الجبال كلها تسمى بهذا الاسم، وهي الجبال التي بين هراة ونيسابور، وأكثر ما ينسب بهذه النسبة فهو منسوب إلى هذا الموضع، وفتحها عبد الله بن عامر بن كريز في أيام عثمان بن عفان سنة 29 للهجرة، هذه الجبال جميعها اليوم في أيدي الملاحدة من بني الحسن بن الصباح، وقال البشاري: قوهستان قصبتها قائن ومدنها تون وجُنابذ وطَبَس العُنّاب وطَبس التمر وطريثيث، وقوهستان أبي غانم: مدينة بكرمان قرب جيرفت بينها وبين جبال البَلُوص والقفص وفيها نخل كثير، وشربهم من نهر يتخلل البلد، والجامع في وسطها، وبها قهندز أي قلعة، قال الرهني: أول بلاد قوهستان جُوسف وآخرها إسبِيذ رستاق وهي الجُنابذ وما يليها، وأهل الجنابذ يدعون أن أرضهم من حدود الجُنْبُذ لأنها بين قائن التي هي قصبة قوهستان، ويدّعي أهل قائن أن إسبيذ رستاق ليست من أرض قوهستان إلا أنها من عمل قوهستان، قال: وعرضها ما بين كُرين إلى زُوزَن وهي مفاوز ليس فيها شيء وإنما عمران قوهستان ما بين النخيرجان ومسينان إلى إسبيند رستاق، وهذه المدن والقرى التي بقوهستان متباعدة في أعراضها مفاوز، وليست العمارة بقوهستان مشتبكة مثل اشتباكها بسائر نواحي خراسان وفي أضعاف مدنها مفاوز يسكنها أكراد وأصحاب السوائم من الإبل والغنم، وليس بقوهستان فيما علمته نهر جارٍ إنما هي القُنيّ والآبار.
ليلش: قرية في اللحف من أعمال شرقي الموصل، منها الشيخ عدي بن مسافر الشافعي شيخ الأكراد وإمامهم وولده.
فَرْهَانُ: بالفتح ثم السكون، وهاء وآخره نون، وبعض يقول فراهان: ملاّحة في رستاق همذان وهي بحيرة تكون أربعة فراسخ في مثلها فإذا كانت أيام الخريف واستغنى أهل تلك الرساتيق عن المياه صوَّبوها إلى هذه البحيرة فإذا امتلأت صارت ملحاً يأخذه الناس ويحمله الأكراد وغيرهم إلى البلدان فيباع، وزعم ابن الكلبي أن بليناس طلسم هذه البحيرة أن تكون ملحاً ما لم يمنع منها الناس فمتى مُنعَ منها نشفَتْ أوّلاً ولم يوجد فيها شيء من الملح.
أَرْدَشَاطُ: في كتاب الفتوح: وسار حبيب بن مسلمة من أَرْجيش فأَتى أَردشاط، وهي قرية القِرْمِز، فأَجاز نهر الأَكراد، ونزل مرج دَبيل.
العَقر: قلعة حصينة في جبال الموصل أهلها أكراد وهي شرقي الموصل تعرف بعَقر الحُمَيدية؛ خرج منها طائفة من أهل العلم، منهم: صديقنا الشهاب محمد بن فَضلون بن أبي بكر بن الحسين بن محمد العدَوي العقري النحوي اللغوي الفقيه المتكلم الحكيم جامع أشتات الفضل، سمع الحديث والأدب على جماعة من أهل العلم، وكنتُ مرة أعارض معه إعراب شيخنا أبي البقاء عبد الله بن الحسين العُكْبَري لقصيدة الشنّفرَى اللاّمية إلى أن بلغنا إلى قوله:
وأستَفُّ تُرْبَ الأرض كي لا يرى له
عليّ من الطَّوْل امرؤٌ متطوِّلُ
فأنشدني في معناه لنفسه يقول:
مما يُؤجّجُ كربي أنني رجلٌ
سبقتُ فضلاً ولم أحصُلْ على السّبَقِ
يموتُ بي حسداً مما خُصِصْتُ به
من لا يموت بداء الجهل والحُمُقِ
إذا سغبْتُ استففتُ التُّرْب في سَغَبي
ولم أقُلْ للَئيمٍ: سُدّ لي رَمَقي
وإن صِديتُ وكان الصفْوُ ممتنعاً،
فالموتُ أنفعُ لي من مشرب رَنِق
وكم رغائبِ مال دونها رَمَقٌ
زَهدتُ فيها ولم أقدِرْ على المَلَق
وقد ألِينُ وأجْفُو في محلّهما،
فالسهلُ والحزَن مخلوقان من خُلُقي
فقلتُ له: قول الشنفرِى أبلغ لأنه نزه نفسه عن ذي الطّوْل وأنت نزهتها عن اللئيم، فقال: صدقت لأن الشنفرى كان يرى متطوّلاً فينزه نفسه عنه وأنا لا أرى إلا اللئيم فكيف أكذب؟ فخرج من اعتراضي إلى أحسن مخرج. و العَقْر، ويروى بالضم أيضاً: أرض بالعالية في بلاد قيس؛ قال طفيل الغنوي:
بالعُقر دارٌ من جميلةَ هَيّجت
سوالفَ حبّ في فؤادك مُنْصِب
و عقر السَّدَن: من قرى الشرطة بين واسط والبصرة؛ منها كان الضالّ المضل سنان داعية الإسماعيلية ودجالهم ومضلهم الذي فعل الأفاعيل التي لم يقدر عليها أحد قبله ولا بعده وكان يعرف السيميا.
قَيْمُرُ: بفتح القاف، وياء ساكنة، وضم الميم، وراء: هي قلعة في الجبال بين الموصل وخلاط؛ ينسب إليها جماعة من أعيان الأمراء بالموصل وخلاط وهم أكراد، ويقال لصاحبها أبو الفوارس.
جُوزَقَانُ: بفتح الزاي والقاف، وآخره نون: من قرى همذَان، ينسب إليها أبو مسلم عبد الرحمن بن عمر بن أحمد الصوفي الجوزقاني وغيره، ذكره أبو سعد في شيوخه. و الجوزقان أيضاً: جيلٌ من الأكراد يسكنون أكناف حُلوان، ينسب إليهم أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن الحسين بن جعفر الجوزقاني، سمع بُندار بن فارس وغيره.
حِصْنُ طالِبٍ: قلعة مشهورة قرب حصن كَيْفا، فيه كانت أَكراد يقال لهم الجُوبيَّة، فغلبهم عليه قرا أَرسلان بن داود بن سُقْمان صاحب حصن كيفا بعد سنة 560
دَاسِنُ: اسم جبل عظيم في شمالي الموصل من جانب دجلة الشرقي، فيه خلق كثير من طوائف الأكراد يقال لهم الداسنية.
الهَكّارِيّةُ: بالفتح، وتشديد الكاف، وراء، وياء نسبة: بلدة وناحية وقرى فوق الموصل في بلد جزيرة ابن عمر يسكنها أكراد يقال لهم الهكارية.
أَذْرُحُ: بالفتح، ثم السكون، وضم الراء، والحاء المهملة. وهو جمع ذريح، وذريحة جمعها الذرائح. وأَذْرُح، إن كان منه فهو على غير قياس، لأَن أَفْعُلاً جمع فَعل غالباً: وهي هضاب تنبسط على الأَرض حُمْرٌ، وإنْ جُعِلَ جَمْع الذَّرَح، وهو شجر تُتخذ منه الرحالة، نحو زَمَن وأَزمُن، فأَصل أَفعُل أَن يُجمَعَ على أَفعال، فيكون أَيضاً على غير قياس، فأَما أَزمُن فمحمول على دَهْر وأَدْهُر، لأَن معناهما