اكد نائب في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاوروبي من بروكسل, اول من امس, ان تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن »ان ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي ابلغ الحكومة التركية الوسيطة بين دمشق وتل ابيب, استعداده لاعادة كل مرتفعات الجولان المحتلة حتى حدود العام 1967«, ليست »دقيقة« بل »ليست صحيحة, لأن المفاوضات الجارية في أنقرة بالواسطة منذ شهور عدة, لم تتوصل بعد الى حل شامل, بل مازال الأخذ والرد يدور حول ابقاء اسرائيل مناطق سياحية مهمة في تلك المرتفعات وعدداً من المستوطنات في يدها, مقابل السماح لاقتصاديين ومتمولين سوريين بالمشاركة في المشاريع السياحية برأس مال لا يتجاوز ال¯ 15 في المئة فيما ستبقى هناك مستوطنتان اسرائيليتان ولكن الاتفاق على استئجار الاراضي المبنيتين عليها لاجيال طويلة, الا ان مسألة المياه قد حسمت على ما يبدو«.
ونقل البرلمان الأوروبي ل¯ »السياسة« عن ديبلوماسي اسرائيلي في العاصمة البلجيكية قوله, »كيف يمكن تصديق وزير الخارجية السوري عندما يزعم أننا ابلغناه باستعدادنا للانسحاب الكلي من الجولان حتى حدود العام 1967 من دون أن يذكر ما ستقدمه سورية الينا في المقابل? ثم ان معظم زعماء اسرائيل يصرون على الاحتفاظ بجزء مهم من الجولان لاسباب امنية تتعلق بمستوطنات الجليل التي تشرف عليها جبال الجولان, وايضا لاسباب انسانية حيث هناك مئات العائلات اليهودية التي هاجرت خلال السنوات العشرين الماضية الى اسرائيل وجرى توطينها في المرتفعات, واخيرا لاسباب اقتصادية اذ ان المشاريع السياحية التي انشئت هناك خلال العقود الثلاثة الماضية من الزمن هي من انجح مشاريع الدولة وأكثرها دعما للخزينة العامة«.
وقال الديبلوماسي الاسرائيلي, »ان تصريحات المعلم ما هي الا للاستهلاكين المحلي السوري والاقليمي وقد قيلت لتبريد المفاوضات التي تم كشف النقاب عنها خلال الاشهر الماضية, والايحاء بأن نظام بشار الاسد سيستعيد كامل الجولان حتى حدود ,1967 دون ان تتطرق الى التنازلات السورية في المقابل, اذ اننا نحن المنتصرون في حرب 1967 فسيطرنا على الجولان, والمنتصر هو الذي يملي الشروط على المنهزم الذي هو النظام السوري السابق وامتداده الراهن«.
واكد النائب الاوروبي »ان معلومات الاتحاد (الاوروبي) تؤكد ان من بين شروط اسرائيل الاساسية مقابل ايجاد حل للجولان في المفاوضات ابعاد قادة حركة »فتح« و»الجهاد الاسلامي« من دمشق, وسحب عناصر »الجبهة الشعبية - القيادة العامة« و»فتح الانتفاضة« من الاراضي اللبنانية وابعاد قادتها ووقف شحن السلاح الايراني الى »حزب الله« والتخلي عن دعمه وفك ارتباطات سورية به, اضافة الى شروط اميركية نقلها المفاوض التركي الى السوريين مقابل السماح باجراء هذه المفاوضات التي كانت ادارة جورج بوش تمنع قيامها حتى اواخر فبراير الماضي, ومن بينها التوقف التام عن ارسال الارهابيين واسلحة واموال الى العراق, والامتناع الكامل عن التدخل في لبنان مع تنفيذ الخطوات التي يجمع عليها اللبنانيون مثل تبادل التمثيل الديبلوماسي وترسيم الحدود واعادة المسجونين اللبنانيين من المعتقلات السورية, وتسليم الحكومة اللبنانية وثيقة »لبنانية« مزارع شبعا.
واكد البرلماني ان المفاوضات الجارية في أنقرة بواسطة موظفين من الدرجة الثانية من سورية واسرائيل, »يمكن ان تتحول الى مفاوضات مباشرة لتوقيع اتفاق سلام بين وزيري خارجية البلدين قبل نهاية هذا العام, ثم يلتقي الاسد واولمرت لمهر توقيعهما على الاتفاق الذي سيشرع ابواب سورية امام الاسرائيليين امنيا واقتصاديا وتجاريا واجتماعيا, بشكل من المتوقع ان يكون اوسع من التعامل بين اسرائيل ومصر والاردن الموقعة بينها معاهدتا سلام منذ سنوات«.
وقال النائب الذي يمثل حلف شمال الاطلسي في مجلس النواب الاوروبي في ستراسبورغ ل¯ »السياسة« ان »عروض النظام السوري - حسب علمنا - التي اسالت لعاب اولمرت, فاقت بكثير توقعات اسرائيل وان اعلان هذا الاخير استعداده اعادة الجولان جاء استنادا الى التنازلات السورية غير المتوقعة, وان الاميركيين المطلعين من الاسرائيليين والاتراك على المفاوضات مع نظام الاسد اضطروا هذا الاسبوع بعد اطلاعهم على العروض السورية المغرية الى اعلان مباركتهم المفاوضات, وتوقيع معاهدة سلام بين البلدين من شأنها - اذا حسمت دمشق موقفها من حركتي حماس والجهاد وحزب الله - التوصل الى اتفاق سلام مواز مع الفلسطينيين لاقامة دولتهم التي وعد بها بوش قبل انتهاء ولايته في مطلع العام المقبل, على ان يتبع ذلك فك ارتباط نظام الاسد بالنظام الايراني في مراحل لاحقة«.