اهتمام أوربي بأسباب هجرة الآشوريين من سورية
أكّدت مصادر سورية مطلعة أن دبلوماسيين أوربيين من المطلعين بملفات الهجرة وحقوق الإنسان كثّفوا زياراتهم إلى القامشلي شمال شرق) بهدف الاطلاع على أوضاع السكان وتقييم أسباب ازدياد الهجرة من هذه المناطق إلى أوربا
ومعروف عن مدينة القامشلي أنها مدينة تحوي قوميات وثقافات ولغات متعددة، كما لا يخفى أنها تضم عدد كبير من الأحزاب والحركات السياسية (غير المرخصة) الكردية والآشورية والعربية والأرمنية ذات التوجهات والتيارات السياسية والدينية المختلفة والمتنوعة
وكانت المنطقة شهدت في السنوات الأخيرة حراكاً سياسياً ميدانياً أفضى إلى أحداث عنف وصدامات بين الجماهير وقوات الأمن، الأمر الذي شد اهتمام الدبلوماسيين الأوربيين العاملين في دمشق خصوصاً، ودفع بالعديد منهم للقيام بجولات وزيارات لهذه المدينة بهدف الاطلاع على طبيعة هذا الحراك وخلفياته السياسية وللتعرف على التركيبة الاجتماعية والقومية للمدينة والجزيرة السورية عامة.
وعلى خلفية زيارة العديد من الدبلوماسيين الأوربيين رفيعي المستوى إلى المدينة خلال الأيام الأخيرة أشار الكاتب والناشط الآشوري السوري سليمان يوسف يوسف إلى أن المنطقة "استقبلت في الأيام الأخيرة رينيه سبيتز المسؤول في السفارة الهولندية عن قضايا حقوق الإنسان واللاجئين، ومارتا بوربي مسؤولة شؤون الهجرة في السفارة النرويجية، والتقى كل منهما بالعديد من نشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمهتمين بالشأن العام ومسؤولي الأحزاب المختلفة، ووقفوا عند أسباب الهجرة الكثيفة من الجزيرة السورية إلى دول أوربا الغربية عموماً، خاصة هجرة السريان الآشوريين والمسيحيين عامة"
وبصفته ناشط من أبناء المنطقة وكاتب آشوري مهتم بقضايا الأقليات قال في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء "إن مسألة الهجرة "ترتبط بشكل مباشر بقضية الديمقراطية وحقوق الإنسان ولهذا فبقاء الآشوريين والمسيحيين عامة واستقرارهم في دول المشرق رهن بقيام دول مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الجميع، تقوم على العدل والمساواة وعلى مبدأ حقوق المواطنة الكاملة لكل مواطنيها بدون تمييز أو تفضيل"
وأضاف "استمع الأوربيون إلى وجهات النظر حول ظاهرة هجرة الآشوريين (سريان/ كلدان) والمسيحيين عامة من سورية ودول المشرق وتركهم لمناطقهم التاريخية"، وأضارف إلى أنه "تتداخل في هجرتهم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة مع الأحوال السياسية الأسوأ فضلاً عن تشابك العوامل الدينية والتاريخية مع الجغرافية السياسية والديمغرافيا البشرية"
وعن حساسية لقاء أطراف من المعارضة السورية بدبلوماسيين غربيين قال "رغم حساسية المرحلة ومحاذير السلطة فيما يخص التعاطي مع الخارج، ورغم متابعة ومراقبة الأجهزة الأمنية لتنقلات الشخصيات الأجنبية القادمة إلى القامشلي، لم يتردد نشطاء المعارضة في الالتقاء معهم ومناقشتهم في الكثير من القضايا"، وأضاف "إنها خطوة انفتاحية جريئة من قبل نشطاء المنظمات الحقوقية وقوى المجتمع المدني في سورية باتجاه كسر حاجز الخوف لدى السوريين"
ورأى أن السلطات السورية تتبع مع هذه اللقاءات سياسية "غض النظر"، طالما أنها "تتم بالعلن وتحت أنظارها"، واعتبر هذا الأسلوب هو "منهج وتكتيك تتبعه السلطات السورية دون أن يعني ذلك حصول تبدل جوهري في موقف السلطة من قضية علاقة المعارضة مع الخارج أياً يكن هذا الخارج"
وعن أسباب غض النظر قال "يرى النظام أن هذه اللقاءات تخدمه أكثر ما يخدم المعارضة ذاتها"، وأوضح "إن هذه الزيارات تكشف للخارج الواقع الهش والضعيف للمعارضة السورية وعمق الخلافات الفكرية والسياسية بين تياراتها، رغم التفافها واتفاقها حول ضرورة إنهاء حالة الاستبداد في سورية وإنجاز عملية التغير الديمقراطي وتداول السلطة، ومن جهة أخرى يوحي النظام للغرب أنه ديمقراطي وأن هناك متسع من الهامش والحرية للمعارضة"
ومن الجدير بالذكر أن هجرة المسيحيين من المنطقة بدأت تأخذ طابعاً سياسياً منذ منتصف القرن الماضي، وبدا أن هدفها هو محاولة تفريغ المنطقة من مكوناتها الحضارية وتنوعها الثقافي. وفي عام 1980 كانت نسبة المسيحيين في سورية حوالي 16.5%، انخفضت الآن إلى أقل من 9 بالمائة
ويعتبر الآشوريون من أقدم حضارات التاريخ، واعتنقوا المسيحية منذ بدايتها. قدموا من شمال العراق بموجب اتفاق بين الفرنسيين والإنكليز في عام 1939 ووضعوا على ضفاف الخابور الأعلى بين رأس العين والحسكة، وكان عددهم يقارب 50 ألف حتى عام 1980 ولم يبق منهم أكثر من 5 ـ 7 آلاف نسمة