لعب القائد عكيد دور الريادة في تكوين جيش الكريلا وتطوير قفزة 15 آب. خلق خطاً قيادياً للكريلا. فقد دعى القائد وقبِل بهذا الخط في كردستان كخط ونهج للكريلا.
دوران كالكان
أجري فرز وحدة كبيرة إلى إيالة بوطان. وتقرر بأن ذهاب الرفيق عكيد أيضاً إلى بوطان سيكون مناسباً. فالمقرر كان هو أن ينضم الرفيق عكيد إلى المؤتمر إن تمكن من إيجاد الطريق واجتياز الحدود، وإن لم يتمكن من ذلك، عليه أن يدير الفعاليات في بوطان، بحيث كان قادماً من ساحة القيادة مؤخراً. وعلى أساسه تم الإقرار بأن يذهب كافة أعضاء الإدارة الآخرين بما فيهم الموقوفين والمعزلين عن مهامهم للانضمام إلى المؤتمر. في الوقت الذي انطلق وتوجه فيه هؤلاء إلى المكان المقرر، انطلق الرفيق عكيد متجهاً إلى إيالة بوطان مع تلك الوحدة أو المفرزة التي تم فرزها للإيالة. كان فرزاً جيداً ومناسباً تماماً. فتفكيرنا كان على هذا الأساس في ذلك الوقت. إلا أن الرفيق عكيد ولتواضعه الوقور كان يعارضنا على ذلك.
لأن الإدارة الموجودة آنذاك بدلاً من أن تجهد وتسعى للقيام بمهامها وتقدم المساندة والمساعدة، فقد كانت تصبح عائقاً أمام العمل الذي يقوم به الرفيق عكيد. لذا تم الوصول إلى النتيجة أو الفكرة التي مفادها سحب الإدارة للانضمام إلى المؤتمر. فإن خروج الإدارة سيفسح على الأقل المجال لتطوير العمل والقيام بالتطبيق بكل راحة ومن دون أي عوائق. بهذا الشكل يمكن القول بأن الفرصة والإمكانيات قد فتحت أمام العمل. إذ أن الإدارة الموجودة في عام 85 كانت قد أعاقت تطبيق العديد من العمليات التي سعى وحاول الرفيق عكيد القيام بها من خلال القول " نحن أيضاً إداريين ويجب أن تستمع إلى كلامنا. فالفرز الذي قمنا به في الشتاء كان على ذلك الأساس. ولكن الشروط لم تتلاءم وتتناسب مع ذلك. فالذهاب إلى ساحة القيادة لم يكن سهلاً، فظهور الحرب والتغيير القائم في الشروط والعلاقات السياسية أصبحت عائقاً أمام ذهاب العديد من الرفاق إلى ساحة القيادة. لقد طال واستمر هذا الأمر حتى صيف عام 86. فالمخطط كان على هذا الأساس الذهاب في 85 تشرين الثاني والرجوع بعد إتمام المؤتمر في ربيع 86. إلا أنه لم يتم الذهاب إلى ساحة القيادة حتى صيف 86.
لم يتبصر إداريونا التغييرات التي خلقتها حملة 15 آب في المرحلة السياسية، وظنوا بأن الأوضاع كما هي عليه كالسابق. إلا أن الحرب كانت قد قامت. والشروط السياسية كانت قد تغيرت. لذا بقي الرفيق عكيد في إيالة بوطان. لأن تدابير العدو على الحدود كانت كثيرة. فيعطي الرفيق عكيد قرار القيام بالاجتماعات في الشتاء للقيام ببعض العمليات مع حلول الربيع ومن ثم المجيء إلى طرف خابور للتعرف على نتائج المؤتمر. آخر رسالة بعثها لنا كانت على هذا الأساس. بحيث قام بتطوير العديد من العمليات في مثل هذه المرحلة التي كان العدو يقوم فيها بتطوير تمشيطات واسعة النطاق على المنطقة. على أثر ذلك استشهد الرفيق عكيد في كمين وضعه العدو في كابار تاريخ 28 آذار عام 1986.
أحدثت حادئة استشهاد الرفيق عكيد تأثيراً كبيراً. لم يتم معرفة وقائع الحادثة وكيفية تطورها حتى الآن. القائد آبو يبين بأن الرفيق عكيد استشهد نتيجة مؤامرة. فقد كانوا وحدة كبيرة يشاهدون العدو لذلك ينتظرون الليل للتحرك وتغيير المكان، كيف يتم ذلك لا ندري فإن الوحدة تقع في كمين العدو. بعد اجتياز رواد الوحدة الذين يقومون بدور (الكشف والاستطلاع) في المقدمة الكمين يخرج الاشتباك. الرفيق عكيد كان يقود الوحدة، عندما يبدأ العدو بفتح النار على الوحدة، يبدأ الاشتباك بين العدو والوحدة يجرح رفيق أوأثنين على ما أعتقد، وتتشتت الوحدة بعض من الوقت ومن ثم تجتمع في المكان المحدد للاجتماع، لدى ذهاب الرفاق الموجودين في الوحدة إلى مكان الاجتماع لا يرون الرفيق عكيد. بعد ذلك يسمعون من الراديو خبر استشهاد الرفيق عكيد. بحثت القيادة دائماً عن الحادثة كيفية تطورها وبيد من تم تطويرها إلا أنه الحادثة لم تظهر للعيان تماماً ولم يتم الوصول إلى حقيقتها. قيل بأن الرفيق عكيد قتل برصاصة واحدة. قام العدو بالدعاية على هذه الحادثة طوال أيام، بحيث كتب الجرائد التركية بأن الجيش التركي تمكن من قتل جلاد PKK. عقد العدو آمال كبيرة على ذلك.
أثرت هذه الحادثة على الحركة كثيراً. انضم الرفيق عكيد للحركة من باطمان وهو في الثانوية من دراسته. أخذ مكانه ضمن فعاليات الشبيبة. وبعد ذلك انتقل إلى سيفرك لأجل تسيير النضال فيها. أخذ مكانه ضمن المجموعة الأولى التي خرجت إلى خارج الوطن من أجل رؤية التدريب العسكري. لأنه كان المسؤول العسكري في باطمان، كما كان قد كسب التجربة في هذا المجال وذلك لقيادته العديد من العمليات في سيفريك أيضاً. بعد ذلك أي بعد رؤيته التدريب رجع إلى الوطن مع كمال بير في أيار عام 1980 من أجل تنظيم الكريلا في ساحة بوطان- سيرت. نجى جريحاً لدى اعتقال الرفيق كمال. بعد فترة من المعالجة ذهب إلى خارج الوطن. انضم إلى المؤتمر الأول. أخذ مكانه بعد الكونفراس ضمن لجنة التدريب، بحيث انضم إلى التدريبات العسكرية والإيديولوجية. كان الرفيق عكيد ملاكماً في حياته قبل الانضمام. لذا كان يدرب الرفاق بهذا الصدد أيضاً. لقد كان قصير القامة وسمين بعض الشيء. لم يكن قوياً جداً من الناحية الجسدية. فقد كان يلاقي الصعوبة في السير لأنه كان رحاء القدم، إلا أنه كان جريئاً ومقداماً. كان يقظ وسريع الحركة بحيث كان يستطيع قذف القنبلة أي الرمانة اليدوية مرة أخرى بعد قذفها إليه. ساهم ولعب دوراً عظيماً في تدريب الرفاق. بعد التدريب بعثه القائد مع عدد من الرفاق في تشرين الثاني عام 81 إلى جنوب كردستان لمساعدة الرفيق قره سنغور في النضال في جنوب وشرق كردستان. هكذا قام بتسيير فعاليات التحضير لأجل الكريلا في جنوب وشمال كردستان، فهم من كانوا يستقبلون مجموعات الكريلا العائدة إلى الوطن. قام العدو في 25 أيار بأول تمشيط عسكري خارج الحدود في طرف خابور. دخل الرفيق عكيد الوطن وذهب حتى إيالة كارزان أثناء فترة التمشيط هذه. قاد الوحدات وتوقف على النشاطات العملية. كلفة بمهمة تطوير العمليات العسكرية في أولودارا بعد الاجتماع الذي تم في كلارش عام 84. بعد ذلك أي في منتصف عام 84 قام بتنظيم عملية أروه كقائد وحدة 14 تموز للكفاح المسلح. قامت الفصيلة التي كان يقودها بالعمليات في تلك الساحة على مدى ثلاث أشهر دون توقف. ذهب في نهاية عام 48 إلى ساحة القيادة. وعاد مرة أخرى إلى إيالة بوطان في نيسان عام 85. هاجم العدو بشكل شرس على المنطقة في تلك الفترة، مما أسفر إلى استشهاد الكثير من الرفاق في الإيالة. لم يستطع الرفيق عكيد الوقوف أمام هذه الخسائر وذلك لأن مجال الحركة بين القوى الموجوة في الإيالة كان ضيقاً بسبب التمشيطات لذلك لم يستطع التأثير على كافة الإيالة إلا أنه تمكن من حماية السرية التي كان يتحرك معها في المنطقة من ضربات العدو. قام الرفيق عكيد بعد هذه الفترة بتطور العديد من العمليات الجديدة في بوطان من خلال عقده العديد من الاجتماعات بذلك الصدد في صيف ذلك العام. كانت له وقفة قيادية لا مثيل لها، إلى جانب امتلاكه لتراكم وعي جد هام. لم يكن مثل كبير بير من الذين يتحدثون كثيراً، قليلا ما كان يتكلم ولكن كلامه كان جوهرياً. لم يكن يمضي وقته بشكل فارغ، إما كان يدرس ويقرأ أو كان يناقش بصدد موضوع ما أو يبحث عن حل للقضايا. لقد كان هادئ وساكن الشخصية. لم يزعج أو يكسر بخاطر أحدٍ ما أبداً. كان ناضح الشخصية تماماً. كان يتقن الكثير من الأمور إلى جانب تجربته العسكرية. كان مقداماً وعملياتيا في التطيبق والتنظيم. كان يدرس ويتعمق بجد عظيم على كيفية تطبيق نهج القيادة في الساحة العسكرية. يمكننا القول بأن الرفيق عكيد هو من طور خط القيادة العسكرية بين صفوف الكريلا. بحيث كان قوة القادة الطليعية المحضرة لقفزة 15 آب والمحققة والمديمة لها. كان سيقود ويبني ويؤسس جيش الكريلا حتى إن لم يستشهد. القائد كان يقول: " لقد نذر وكرث الرفيق عكيد ذاته لتطبيق وتحقيق هذه الحقيقة في الحياة العملية". فقيام القائد بتأسيس وبناء جيش الكريلا كان تخليداً لذكراه. يعني استحق لقب قائد الكريلا بعمله وممارسته للقيادة عملياً في الحرب. فقد كان رائداً وقائداً في أي مكان كان يتواجد فيه. يعني كان يلعب دور الريادة في الحياة سواء أكان مكلفاً بمهمة الإدارة أو لم يكن. والجميع كان يحبه ويصغي إليه. كان يعمل ما يجب فعله قبل الجميع. لم يكن إنساناً يعمل على أساس الصلاحيات أو المقامات. يتميزالرفيق عكيد بروح المسؤولية العالية تجاه متطلبات الحياة النضالية. كانت شخصية معلمة ومدربة وجذابة، لا يوجد لديها أي مفهوم قائم على التفريق أو التمييز بين الرفاق أو بين القادة والإداريين. كان يحب الجميع والجميع يحبه، يقترب من الإنسان بشكل بنّاء، ذا شخصية مؤثرة على الجميع، تُعلم وتنصح، تعمل وتضم الآخرين للعمل أيضاً، وتكسب الإنسان القوة والمتانة والوعي. لهذا السبب فإن قيادته وريادته ودوره الطليعي لم يكن على أساس الصلاحية بل كان قائدا ورائداً فعلياً. ذاتاً لم يكن يحمل رتبة رسمية. أي لم يكن قائداً منتخب في المؤتمر. فقد كان يقوم بالمهام التي كانت الإدارة تلكفه به على أكمل وجه. إلا أنه بالطبع لعب دور الريادة في تكوين جيش الكريلا وتطوير قفزة 15 آب. خلق خطاً قيادياً للكريلا. فقد دعى القائد وقبِل بهذا الخط في كردستان كخط ونهج للكريلا. وقد بينت القيادة بأن هذا الخط هو خط تطبيق نهجه في الحياة العملية، وبالتالي فقد عرف شخصية عكيد كشخصية عملياتية مطبقة ومرسخة لنهج القيادة في النضال التحرري الوطني، وقدمها كرمز وكقدوة بالنسبة للكريلا. كما عرفها كشخصية مليتانية مثلى لحملة التحول الحزبي الثانية. كيفما تم تحقيق حملة التحزب الأولى تخليداً لذكرى الرفيق حقي قرار، فإن الحملة الثانية للتحزب تحققت تخليداً لذكرى الرفيق عكيد.