العصبية لدى الأطفال.. مؤشر قوي لأنيميا نقص الحديد المزمن
--------------------------------------------------------------------------------
فقدان الدم وسوء التغذية وقلة الامتصاص أهم أسباب المرض
:
تتراوح كمية الحديد الإجمالية في جسم المولود الجديد حديث الولادة، ما بين نصف الى غرام واحد، بينما تبلغ هذه الكمية في البالغين ما بين أربعة ونصف الى خمسة غرامات، ولكي يبني المولود الجديد هذا النقص في الاحتياطي من مادة الحديد يلزمه يومياً ما يعادل (1- 1.5) مليغرام (ملغم) من هذه المادة، وذلك طيلة فترة حياته. وبما أن عشرة بالمائة فقط من الحديد الذي يصل إلى الأمعاء يتم امتصاصه، لذلك وجب أن تكون الوجبة الغذائية لأي طفل تحتوي على كمية من الحديد لا تقل عن (10 – 15) ملغم/ يومياً.
* امتصاص الجديد يتم امتصاص الحديد في الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة Proximal، وبالتحديد في العفج Duodenum والصائم Jejunum. ويساعد على امتصاص الجسم للحديد، زيادة حاجة الجسم له، ونسبة حموضة المعدة الثابتة، وفيتامين "سي". كما أن هنالك عوامل تساعد على امتصاص الحديد، فان هناك عوامل أخرى تقلل من امتصاص الجسم له، منها تناول المواد الفوسفاتية، أو وجود أي مشكلة تصيب الغشاء المخاطي للأمعاء الدقيقة تعوق امتصاص الحديد من الغذاء، وأيضا العمليات الجراحية للمعدة والأمعاء، الأمر الذي يقلل من مساحة سطح الامتصاص.
أما الحديد الذي يتم امتصاصه إلى الدم، فيتم توزيعه في الجسم بنسب وكميات محددة، فثلثا كمية الحديد تقريبا تشكل الهيموغلوبين في الدم، لذلك فإن فقدان الدم لأي سبب كان هو واحد من أهم أسباب فقدان الحديد. ويشكل جزء من الكمية الباقية مخازن الحديد وهي إما مخازن متحركة (Serum Ferritin) وهي نوع من البروتين تحمل الحديد الذي يكون مرتبطا بها على الدوام، ويعد نقصه أحد أهم مؤشرات نقص الحديد في الدم، أو مخازن ثابتة (Hemosiderin) وتتوزع بين الكبد ونخاع العظم، ونقص أو عدم وجود هذا النوع في الدم هو أهم وأكبر دلائل أنيميا نقص الحديد لدى لأطفال. كما ويكَون جزء من الحديد الممتص حديد مصل الدم (Serum Iron) وخمائر الجسم (Enzymes).
* الأسباب أهم أسباب نقص الحديد في الجسم هي اصابة الدم بجميع أشكاله، بسوء التغذية وعدم تناول الأطعمة المحتوية على الحديد كاللحوم الحمراء والبيضاء، وبكمية أقل في الخضراوات أما الحليب فهو فقير به جدا، أو وجود خلل في امتصاص الحديد من الأمعاء لأي مشكلة طبية تؤثر في الأغشية المبطنة للأمعاء.
تظهر أعراض فقر الدم بنقص الحديد في الأطفال ما بين الشهر التاسع إلى الشهر الرابع والعشرين من العمر. ولعل من أهم أعراضه وعلاماته الشحوبـ، والذي يلاحظ عادة في الأغشية المخاطية لملتحمة العين، وفي الشفاه، وفي راحة الكفين، ومهد الأظافر. وفي حال أصبح فقر الدم شديدا، فيصبح الشحوب واضحاً في جميع أنحاء الجلد. ويصاب الطفل بضعف الشهية، وقد يتضخم الطحال في 10 الى 15% من الحالات، وقد تلاحظ الأم على طفلها بعض الأعراض العصبية كالصراخ وفقدان الصبر وعدم تقبل الأمور الحياتية والتأفف من كل شيء، وتحدث هذه الأعراض في الحالات المزمنة غير المعالجة.
* التشخيص عندما يحدث نقص في حديد الجسم، فإن التغيرات تحدث وفق تسلسل معين، فأول من يتأثر بهذا النقص: - المخازن، فيقل الصباغ الحديدي الموجود في نخاع العظم (Hemosiderin) أو يختفي تماماً، كما تقل نسبة البروتين المرتبط بالحديد في مصل الدم (Serum Ferritin) فيقل الحديد في مصل الدم، وتزداد نسب الإشباع الكلية للحديد في الدم (Total iron Binding Capacity) وتقل النسبة المئوية للإشباع (Transferrin Saturation) إلى أقل من (15%) (والنسبة الطبيعية هي 33%). ثم ينقص هيموغلوبين الدم تدريجيا.
- وتبدأ التغيرات الدموية في كريات الدم الحمراء، فتصبح الكرية صغيرة الحجم، قليلة الصبغة، وتقل جميع المقادير المطلقة للكرية الحمراء (حجم الكرية الوسطى MCV، تركيز الهيموغلوبين الوسطي MCH، وتركيز الهيموغلوبين في وحدة الحجوم من الكريات الحمراء MCHC).
- وآخر ما يتأثر بنقص الحديد هي الخمائر أو الإنزيمات، التي من أهم تأثيرات نقصها في الجسم.
- حدوث فقدان الشهية، والهيجان العصبي والتوتر والاكتئاب وعدم الصبر...إلخ
* العلاج تعتبر الأملاح الحديدية (Ferrous) التي يتم تناولها عن طريق الفم هي المفضلة في العلاج، فهي غنية بالحديد، وسهلة الامتصاص، ورخيصة الثمن، وقليلة الأعراض الجانبية. ومن أهمها الفيروص سلفات والفيروص فيوميرات والفيروص جلوكونات (Ferrous Sulphate , F.Gluconate , F. Fumarate) وتؤخذ الجرعة (6 ملغم / كلغم / يومياً) على ثلاث جرعات بعد تناول الطعام، ومتوفر منها قطرات للرضع وشراب للأطفال.
يستمر العلاج حتى تعود مؤشرات الدم إلى النسب الطبيعية، ثم يستمر إعطاء العلاج لفترة تتراوح بين أربعة الى ستة أسابيع لتعبئة مخازن الحديد الفارغة. ومن المعروف أن آخر من يتأثر بنقص الحديد وهي الخمائر أو الانزيمات هي أول من تنتعش بالعلاج، ويتم ذلك في غضون اثنتي عشرة الى أربع وعشرين ساعة، حيث تبدأ الشهية في التحسن، وتختفي الأعراض العصبية. ومن ثم تأخذ مؤشرات الدم في التحسن فتتراوح بين ست وثلاثين ساعة من بدء العلاج الى شهر، فترتفع نسبة الهيموغلوبين في الدم وتعود كريات الدم الحمراء الى شكلها ولونها وصفتها الطبيعية.
ثم تبدأ المخازن الفارغة بالامتلاء ، وهذه آخر مرحلة في العلاج، وقد تستغرق من شهر إلى ثلاثة أشهر.
ولا داعي لإعطاء الحديد عن طريق الحقن العضلي، نظراً لسهولة إعطائه عن طريق الفم إلا إذا رغب المريض بذلك.